ـ وقال الراغب أيضاً : الوعظ زجر مقترن بتخويف . قال الخليل : هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب . والعظة والموعظة الإسم ، قال تعالى : يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم . ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ . قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ . . . .
ـ وقال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية ص ١٢١
الفرق بين التذكير والتنبيه : أن قولك ذكر الشئ يقتضي أنه كان عالماً به ثم نسيه فرده إلى ذكره ببعض الأسباب ، وذلك أن الذكر هو العلم الحادث بعد النسيان على ما ذكرنا . ويجوز أن ينبه الرجل على الشئ لم يعرفه قط ، ألا ترى أن الله ينبه على معرفته بالزلازل والصواعق وفيهم من لم يعرفه البتة فيكون ذلك تنبيهاً له كما يكون تنبيهاً لغيره ، ولا يجوز أن يذكره ما لم يعلمه قط . انتهى .
وفيما ذكره اللغويون فوائد ومحال للنظر ، وحاصل المسألة : أنه يصح القول إن تسمية القرآن والدين بالذكر لأنه يدل على ما أودعه الله تعالى في عمق فكر الإنسان ومشاعره من الفطرة على التوحيد ومعرفة الله ، ولكن السبب الأهم أنه يثير ما بقي في ذهنه ووجدانه من نشأته الأولى وحنينه إلى عالم الغيب والآخرة ، وإحساسه بالميثاق الذي أخذ عليه في تلك النشأة .
وقد لاحظت أن الروايات صريحة في أخذ الميثاق على الناس قبل خلقهم في هذه الدنيا ، وهي متواترة في مصادر المسلمين ، ولذا فإن تفسير تذكير الأنبياء لا يصح حصره بتذكير الإنسان بفطرته لكي ينسجم معها ، والتغافل عن التذكير الحقيقي بالميثاق الذي صرحت به الأحاديث الشريفة .
كل مولود يولد على الفطرة
ـ الكافي ج ٢ ص ١٢
. . . . قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كل مولود يولد على الفطرة ، يعني المعرفة بأن الله عز وجل خالقه ، كذلك قوله : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ .