تطو بالحجارة والآجر فهو رس ، وكان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان ، وكان بأرضهم جبل يقال له فتح ، مصعدا في السماء ميلا ، وكانت العنقاء ينتابه (١) وهي كأعظم مايكون من الطير ، وفيها من كل لون ، وسموها العنقاء لطول عنقها ، وكانت تكون في ذلك الجبل تنقض على الطير تأكلها ، فجاعت ذات يوم فأعوزها الطير (٢) فانقضت على صبي فذهبت به ، ثم إنها انقضت على جارية حين ترعرعت فأخذتها فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين ، فشكوا إلى نبيهم ، فقال : اللهم خذها واقطع نسلها وسلط عليها آية تذهب بها ، فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر فضربتها العرب (٣) مثلا في أشعارها وحكمها وأمثالها ، ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبيهم فأهلكهم الله تعالى.
وقال بعض العلماء : بلغني أنه كان رسان : أما أحدهما فكان أهله أهل بدو و أصحاب غنم ومواش فبعث الله إليهم نبيا فقتلوه ، ثم (٤) بعث إليهم رسولا آخر وعضده بولي فقتلوا الرسول ، وجاهدهم الولي حتى أفحمهم ، وكانوا يقولون : إلهنا في البحر ، وكانوا على شفيره ، وكان يخرج إليهم من البحر شيطان في كل شهر خرجة فيذبحون عنده ويتخذونه عيدا ، فقال لهم الولي : أرأيتم إن خرج إلهكم الذين تدعونه وتعبدونه إلي وأطاعني أتجيبونني إلى مادعوتكم إليه؟ فقالوا : بلى ، وأعطوه على ذلك العهود والمواثيق ، فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكبا أربعة أحوات ، وله عنق مستعلية ، وعلى رأسه مثل التاج ، فلما نظروا إليه خروا له سجدا ، وخرج الولي إليه ، فقال : ايتني طوعا أو كرها ، بسم الله الكريم ، فنزل عند ذلك عن أحواته ، فقال له الولي : ايتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك ، فأتى الحوت وأتين به حتى أفيضن به إلى البر يجرونه ، فكذبوه بعد مارأوا ذلك ، ونقضوا العهد ، فأرسل الله تعالى عليهم ريحا فقذفتهم في البحر ومواشيهم جميعا وما كانوا يملكون من ذهب وفضة ، فأتى الولي الصالح إلى
__________________
(١) انتابه : أتاه بعد اخرى. قصد اليه. وفي المصدر : تبيت به.
(٢) اي اعجزه وصعب عليه نيله.
(٣) في المصدر : فلم ير لها أثر بعد ذلك فضربت بها العرب مثلا.
(٤) قد سقط عن المصدر من هنا إلى قوله : واما الاخر.