١٤ ـ شى : عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليهالسلام في تفسير هذه الآية : « تعلم مافي نفسي ولا أعلم مافي نفسك إنك أنت علام الغيوب » قال : إن اسم الله الاكبر ثلاثة وسبعون حرفا ، فاحتجب الرب تبارك وتعالى منها بحرف ، فمن ثم لايعلم أحد ما في نفسه عزوجل ، أعطى آدم اثنين وسبعين حرفا فتوارثتها الانبياء حتى صارت إلى عيسى فذلك قول عيسى : « تعلم مافي نفسي » يعني اثنين وسبعين حرفا من الاسم الاكبر ، يقول أنت علمتنيها فأنت تعلمها « ولا أعلم مافي نفسك » يقول : لانك احتجبت عن خلقك بذلك الحرف فلا يعلم أحد مافي نفسك. (١)
بيان : قال الطبرسي رحمه الله : « وإذ قال الله » والمعنى : إذ يقول الله يوم القيامة لعيسى : « ياعيسى بن مريمءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله » هذا وإن خرج مخرج الاستفهام فهو تقريع وتهديد لمن ادعى ذلك عليه من النصارى ، وقيل : أراد بهذا القول تعريف عيسى عليهالسلام أن قوما قد اعتقدوا فيه وفي أمه أنهما إلهان ، واعترض على قوله : « إلهين » فقيل : لم يعلم في النصارى من اتخذ مريم إلها. والجواب عنه من وجوه :
أحدها : أنهم لما جعلوا المسيح إلها ألزمهم أن يجعلوا والدته أيضا إلها ، لان الولد يكون من جنس الوالدة ، فهذا على طريق الالزام لهم.
والثاني : أنهم لما عظموهما تعظيم الآلهة اطلق اسم الاله عليهما.
والثالث : أنه يحتمل أن يكون فيهم من قال بذلك. ويعضده ما حكاه الشيخ أبوجعفر قدس الله روحه عن بعض النصارى أنه قد كان فيما مضى قوم يقال لهم المريمية يعتقدون في مريم أنها إله. (٢)
وقال رحمه الله في قوله تعالى : « تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك » أي تعلم
__________________
(١) تفسير العياشي مخطوط ، اخرجه البحراني ايضا في البرهان ١ : ٥١٣.
(٢) ويؤيد ذلك ما قال اليعقوبي في تاريخه ١ : ١٢٣ في ترجمة قسطنطين وتنصره وجمعه الاساقفة والبطارخة قال : وكان سبب جمع قسطنطين هؤلاء أنه لما تنصر وحلت النصرانية بقلبه أراد أن يستقصى علمها فأحصى مقالات أهلها فوجد ثلاث عشرة مقالة ، فمنها قول من قال : ان المسيح وامه كانا إلهين.