أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان : عابد وعالم ، وكان اسم أحدهما مليخا ، (١) والآخر اسمه روبيل ، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم ، وكان العالم ينهاه ويقول : لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك ، ولا يحب هلاك عباده ، فقبل قول العابد ولم يقبل من العالم فدعا عليهم ، فأوحى الله إليه : يأتيهم العذاب في سنة كذا وكذا ، في شهر كذا وكذا ، في يوم كذا وكذا ، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد ، وبقي العالم فيها ، فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب ، فقال العالم لهم : يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم ويرد العذاب عنكم ، (٢) فقالوا : كيف نصنع؟ قال : اجتمعوا واخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء و الاولاد ، وبين الابل وأولادها ، وبين البقر وأولادها ، وبين الغنم وأولادها ، ثم ابكوا وادعوا ، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال وقد كان نزل وقرب منهم ، فأقبل يونس ينظر (٣) كيف أهلكهم الله فرأى الزارعون يزرعون في أرضهم ، قال لهم : ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له ولم يعرفوه : إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له ونزل العذاب عليهم فاجتمعوا وبكوا فدعوا فرحمهم الله وصرف ذلك عنهم وفرق العذاب على الجبال ، فهم إذا يطلبون يونس ليؤمنوا به ، فغضب يونس ومر على وجهه مغاضبا به (٤) كما حكى الله ، حتى انتهى إلى ساحل البحر فإذا سفينة قد شحنت (٥) وأرادوا أن يدفعوها فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه ، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما فحبس عليهم السفينة من قدامها ، فنظر إليه يونس ففزع منه وصار (٦) إلى مؤخر السفينة فدار إليه الحوت (٧) وفتح فاه فخرج (٨) أهل السفينة فقالوا : فينا عاص فتساهموا
__________________
(١) يأتي في خبر أبي عبيدة الحذاء أن اسمه تنوخا وهو العابد.
(٢) في نسخة : فيرد العذاب عنكم.
(٣) في نسخة : وينظر. وفي اخرى : لينظر.
(٤) في المصدر : مغاضبا لله.
(٥) شحن السفينة : ملاءها.
(٦) في نسخة : فصار.
(٧) في نسخة : فدار الحوت.
(٨) في نسخ : فخرج.