لم يكن على وجه الضنة بل على وجه الشفقة ، لان ملك الدنيا في نظرهم خسيس دني لا يليق بالمقربين قربه ، ولما رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطرارا ومنعه عن غيره إشفاقا عليهم ، أو يقال : إن كلامه مخصوص بمن عدا الانبياء والاوصياء وهو قريب من الثاني ، ويحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الاطناب.
( باب ٧ )
* ( قصة مروره عليه السلام بوادى النمل وتكلمه معها وسائر ماوصل ) *
* ( اليه من أصوات الحيوانات ) *
الايات ، النم « ٢٧ » وحشر لسليمان جنوده من الجن والانس والطير فهم يوزعون * حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ١٧ ١٩.
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : « على واد النمل » هو واد بالطائف ، وقيل : بالشام « قالت نملة » أي صاحت بصوت خلق الله لها ، ولما كان الصوت مفهوما لسليمان عليهالسلام عبر عنه بالقول ، وقيل : كانت رئيسة النمل « لايحطمنكم » أي لايكسرنكم « سليمان وجنوده وهم لايشعرون » بحطمكم ووطئكم فإنهم لو علموا بمكانكم لو يطؤوكم ، وهذا يدل على أن سليمان وجنوده كانوا ركبانا ومشاة على الارض ولم تحملهم الريح ، لان الريح لو حملتهم بين السماء والارض لما خافت النملة أن يطؤوها بأرجلهم ، ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير الله الريح لسليمان عليهالسلام : فإن قيل : كيف عرفت النملة سليمان وجنوده حتى قالت هذه المقالة؟ قلنا : إذا كانت مأمورة بطاعته فلابد أن يخلق الله لها من الفهم ما
__________________
* زيادة الثواب وارتقاء الرتبة ، كما شكر ذلك بعد ما اعطاه الله في قوله : « رب أوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين » ولعله انسب الوجوه ، ولا يوجب منقصة ، وليست فيه ضنة ولا شح.