كاستصحاب عدم حرمة الدخول في المساجد ، واستصحاب وجوب الصّلاة في حقّها وهكذا ، ففيه أنّه لا يمكن استصحاب الحكم مع الشكّ في تحقّق موضوعه ، لأنّا نحتمل بالوجدان عدم كون المرأة طاهرة بأن تكون حائضاً كما نحتمل طهارتها ، ومعه كيف يحكم عليها بأحكام المرأة الطاهرة.
وإن أُريد به استصحاب الحكم في مرحلة الجعل ، كاستصحاب عدم جعل حرمة الدّخول في المساجد عليها ، أو استصحاب عدم جعل حرمة وطئها وهكذا ، ففيه أنّه وإن كان له حالة سابقة إلاّ أنّه معارض باستصحاب عدم جعل وجوب الصّلاة أو جواز الدّخول في المساجد أو جواز الوطء عليها حينئذ ، بلا فرق في ذلك بين القول بالواسطة بين الحيض والاستحاضة وبين القول بعدمها ، لأنّ الصّلاة واجبة عليها على كلّ حال إذا لم تكن حائضاً إمّا بلا غسل وإمّا مع الاغتسال ، ولأجل العلم الإجمالي بكونها حائضاً أو غير حائض يتعارض الأصلان.
وكذلك الحال فيما إذا أُريد به البراءة عن حرمة الدّخول في المساجد مثلاً ، لكونها معارضة بالبراءة عن وجوب الصّلاة ، فلا
يبقى مورد للأصل غير إجراء الاستصحاب في عدم خروج الدم من العرق المخصوص ، فإنّه جار من غير معارض ، حيث لا أثر لعدم خروجه من سائر العروق إلاّ على القول بالأصل المثبت ، إلاّ أنّه أيضاً يندفع بعدم ترتّب أثر على خروج الدم من العرق المخصوص ، لأنّ ذلك إنّما أُخذ معرفاً وحاكياً عن الحيض في الأخبار ، والأحكام مترتبة على ما يلزم خروج الدم من العرق المخصوص ، فإنّه إذا خرج منه يحرم وطؤها ويحكم بكونها حائضاً ، واستصحاب عدم اللاّزم لنفي ملزومه من الأُصول المثبتة.
فإذن لا مناص من الاحتياط كما قدّمناه ، إلاّ أنّك عرفت أنّ مقتضى الأخبار اعتبار التوالي في الأيّام الثّلاثة ، والحكم بعدم الحيضيّة عند فقد التوالي في الثّلاثة.