وإنّما خالف في ذلك ابن الوليد ، ومن ثمة أنكروا عليه ذلك ، وقد عرفت أنّ عدم اعتماد ابن الوليد ممّا لا وجه له في نفسه ، مضافاً إلى معارضته لما هو المشهور في تلك الأزمنة ، ولتصريح النجاشي بوثاقة الرّجل وثنائه عليه ، ولما عن الفضل بن شاذان أنّه كان يحب الرّجل ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول ليس في أقرانه مثله (١) ، وكفى هذا في توثيق الرّجل والاعتماد على رواياته.
هل تتحقّق العادة بالرؤية مرّة؟
وعن بعضهم تحقّق العادة برؤية الدم مرّة واحدة ، كما يحكى ذلك عن الجمهور أيضاً.
ويدفعه : صريح قوله في رواية يونس حكاية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ المرأة الّتي تعرف أيّامها تدع الصّلاة أيّام أقرائها حيث لم يقل : دعي الصّلاة أيّام قرئك ، بل قال : أيّام أقرائك (٢) ، وكذا الحال في الأيّام الواردة في الأخبار (٣) وهي جمع لا يصدق على الفرد الواحد بل ولا على الاثنين ، فإن أقلّ الجمع اثنان فما فوقهما ، وأمّا الاثنان مجرّداً فلم نر إطلاق الجمع عليهما في اللّغة ، بل لعلّه يعدّ من الأغلاط وإن حكي عن المنطقيين أن أقلّ الجمع اثنان.
وأمّا الاثنان فما فوق فقد ورد إطلاق الجمع عليه في القرآن الكريم الّذي هو في أعلى مراتب الفصاحة كما في قوله تعالى : ( ... فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ... ) (٤) لأنّه وإن صرّح بإرادة فوق الاثنتين إلاّ أنّ إطلاق فوق الاثنتين وإرادة الاثنتين فما فوقهما أيضاً أمر دارج شائع ، كما أشار إليه صاحب الجواهر (٥) أيضاً ، وكما في إطلاق الإخوة
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٧٥ إلى ٢٨٤ / أبواب الحيض ب ٣ و ٤ و ٥ وكذا ١٣ و ...
(٤) النِّساء ٤ : ١١.
(٥) راجع الجواهر ٣٩ : ٩٣ / كتاب الفرائض ، المقدّمة الرّابعة.