المعروف بينهم أنّه حيض وادعي عليه الإجماع في صريح كلام العلاّمة (١) والمحقّق (٢) وغيرهما ، وفي الجواهر (٣) أنّ هذه المسألة من القطعيّات الّتي لا شبهة فيها عند الأصحاب ، وهي وإن لم تكن منصوصة في الرّوايات ، إلاّ أنّهم استدلّوا على ذلك بقاعدة الإمكان ، وهي أنّ « كلّ دم يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض » والصفرة في المقام محتملة الحيضيّة بالوجدان فلا مناص من أن تكون حيضاً بمقتضى القاعدة وعليه فلا بدّ من النّظر في تلك القاعدة وأنّها هل يمكن استفادتها من الدليل أو لا يمكن.
قاعدة الإمكان
هذه القاعدة وإن لم ترد في رواية بتلك الألفاظ والخصوصيّات إلاّ أنّها قاعدة متصيّدة اصطادوها من الأخبار ولو بضم بعضها إلى بعض ، وادعوا عليها الإجماع.
والمراد بهذه القاعدة ليس هو الحكم بالحيضيّة بمجرّد احتمال كون الدم حيضاً ولو من جهة الشبهة الحكمية ، كما إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيّام من غير استمرار وشككنا في أنّه حيض من جهة الشك في أنّ الحيض يعتبر فيه رؤية الدم ثلاثة أيّام مستمرّاً أو يكفي فيه رؤيته ثلاثة أيّام ولو من غير استمرار ، كما هو محل الكلام على ما عرفته سابقاً ، فلا يمكن في مثله الحكم بالحيضيّة بدعوى أنّه ممّا يحتمل أن يكون حيضاً لعدم اعتبار الاستمرار واقعاً ، ومن ثمة لم نر من استدلّ بها على عدم اعتبار الاستمرار في تلك المسألة ، فإنّ في الشبهات الحكمية لا بدّ من الرّجوع إلى المطلقات الدالّة على وجوب الصّلاة على كلّ مكلّف أو على جواز وطء الزّوجة في أيّ زمان شاء الزّوج ونحوهما من المطلقات ، لأنّها وإن كانت قد خصّت بغير أيّام الحيض إلاّ أنّه من التخصيص بالمنفصل والقاعدة في مثله إذا كان مجملاً مردداً بين الأقل والأكثر أن
__________________
(١) المنتهي ٢ : ٢٨٧ / البحث الثّاني في وقت الحيض.
(٢) المعتبر ١ : ٢٠٣ / الثاني في غسل الحيض.
(٣) الجواهر ٣ : ١٦٤ / في قاعدة الإمكان.