الرّحم ، وفي مثله لا بدّ من الحكم بالحيضيّة إذا كان واجداً للشروط وإن كان فاقداً للصفات ، إلاّ أنّ الوجه في ذلك ليس هو الإجماع المدعى في المقام ، لأنّه من الواضح الضروري أنّه ليس بإجماع تعبدي كاشف عن رأي الإمام عليهالسلام حتّى يعامل معه معاملة السنّة المنقولة بالخبر ، بل استندوا في ذلك إلى الأخبار ، فلا بدّ من النّظر إليها لا الإجماع ، للعلم بعدم كونه تعبديّاً ولا أقلّ من احتمال استنادهم في ذلك إلى الرّوايات.
كما أنّ الوجه في ذلك ليس هو الغلبة ، لأنّ غلبة الحيض وأكثريّته من الاستحاضة وإن كانت مسلمة فإن كلّ امرأة ترى الحيض في كلّ شهر إلاّ جملة منهنّ ، إلاّ أنّ الغلبة لا دليل على اعتبارها ، غاية الأمر أن تفيد الظن بأنّ المشكوك فيه من الحيض ، لأنّ الظن يلحق الشيء بالأعم الأغلب كما في المثل إلاّ أنّ الظن لا اعتبار به ما دام لم يقم دليل على حجيّته بالخصوص ، ولا دليل عليه في المقام.
كما أنّ الوجه فيه ليس هو أصالة عدم الاستحاضة ، لأنّها مضافاً إلى كونها معارضة بأنّ الأصل عدم كونه حيضاً من أوضح أنحاء الأُصول المثبتة ، حيث إنّ دم الحيض والاستحاضة دمان وموضوعان متغايران ، وإثبات أحد الضدّين بنفي الضد الآخر من أوضح أفراد الأُصول المثبتة.
وكذا ليس الوجه فيما ادّعيناه أصالة السّلامة ، والمراد بها ليس هو أصالة الصحّة الجارية في العقود والإيقاعات ، بل المراد بها أصالة السّلامة في الأشياء بأجمعها الثابتة ببناء العقلاء على أنّ الأصل أن يكون الشيء سليماً لا معيباً ، ومن ثمة بنى الفقهاء على خيار العيب للمشتري فيما إذا باع البائع المعيب ولم يتبرأ من العيوب وظهر معيباً ، لأنّ المشتري اشتراه على أن يكون سليماً ببناء العقلاء على السّلامة في كلّ شيء ، كما حكموا بصحّة المعاملة عند تبرّي البائع من العيوب مع أنّ البيع في نفسه غرري ، لاختلاف قيمة الشيء سليماً ومعيباً فقد تكون قيمة السليم مأة وقيمة المعيب عشرة ، إلاّ أنّهم حكموا بصحّته لأنّ المشتري اعتمد في شرائه على أصالة السّلامة في الأشياء ، وهي أصل يعتمد عليه عند العقلاء.