الكلام في المقام الثّاني
وأمّا المقام الثّاني : أعني الدم الّذي تراه المبتدئة أو المضطربة أو الناسية قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيّام أعني أوّل ما رأته من الدم فهل يحكم عليه بالحيضيّة ولو ظاهراً ، ثمّ إنّه إن دام الدم ثلاثة أيّام فهو ، وإلاّ فيستكشف عدم كونه حيضاً ، وتقضي ما تركته من الصّلاة أو لا يحكم عليه بالحيضيّة؟
ولا إجماع على الحيضيّة في هذه المسألة ، بل ذهب بعضهم إلى الحكم بالحيضيّة وذهب بعضهم إلى أنّه استحاضة ، والكلام يقع في هذه المسألة في مقامين :
أحدهما : فيما إذا كان الدم الّذي تراه المبتدئة وأخواتها أحمر ، وهذا لم يتعرّض الماتن لحكمه.
وثانيهما : فيما إذا كان الدم أصفر.
أمّا المقام الأوّل : أعني ما إذا كان الدم أحمر فالمعروف أنّه حيض ، وهذا هو الصحيح ، ويكفي في ذلك :
أوّلاً : الاستصحاب ، لأنّه كما يجري في الأُمور المتقدّمة كذلك يجري في الأُمور المستقبلة ، وحيث إنّها قاطعة بجريانه بالفعل ، فإذا شكّت في أنّه ينقطع قبل الثلاثة أو لا ينقطع فالأصل عدم انقطاعه قبل الثّلاثة ، وبه يحكم بأنّه حيض ، إذ المفروض اشتماله على الأوصاف ولم يكن شكّ في حيضيّته إلاّ من جهة الاستمرار ثلاثة أيّام وقد حكم الشارع بكونه مستمراً كذلك.
وثانياً : الأخبار ، وهي كثيرة.
منها : موثقة سماعة ، قال « سألته عن الجارية البكر أوّل ما تحيض فتقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة أيّام إلى أن قال فلها أن تجلس وتدع الصّلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة » (١) حيث دلّت على أنّ الدم حيض من أوّل وقت تراها المبتدئة بلا فرق في ذلك بين احتمال انقطاع الدم قبل الثّلاثة وعدمه ، لأنّ احتمال الانقطاع قبل
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٤ / أبواب الحيض ب ١٤ ح ١.