فتوضأ (*) ، وإنّما خرجنا عنها في مورد واحد وهو الحدث قبل غسل الجنابة ، لأنّه ممّا علمنا بعدم كونه سبباً للوضوء ، فإنّ غسل الجنابة ليس معه وضوء ، بمعنى أنّ ما ورد من أنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء (**) مختص بما إذا وقع الحدث قبل تمام الغسل لا قبل إتمامه أي في الأثناء ، وقد قدّمنا أنّ الأوامر الواردة في الوضوء ليست أوامر مولويّة ، وإنّما هي أوامر إرشاديّة إلى شرطيّة الوضوء للصلاة ، فمقتضى المطلقات أنّ الحدث مطلقاً يجب معه الوضوء ، أي أنّ الوضوء شرط للصلاة سواء تحقّق الحدث قبل الغسل أم في أثنائه أم بعده. نعم خرجنا عن ذلك في الحدث قبل الغسل إذ لا يشترط معه الوضوء في الصّلاة ، للأدلّة الدالّة على أنّ غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء ، ومع كون الأوامر إرشاديّة لا يأتي فيها بحث التداخل بوجه.
وأمّا القول الثّاني فهو مشترك الوجه مع القول السّابق في الحكم بصحّة الغسل ، إذ لم يقم دليل على بطلان الغسل في الأعضاء السابقة بالحدث ، وإنّما يمتاز عنه في عدم إيجابه الوضوء معه ، ووجهه أنّ المطلقات الدالّة على أنّ البول أو غيره سبب للوضوء غير تامّة عند هذا القائل ، لتقييدها بما ورد من أن غسل الجنابة ليس قبله ولا بعده وضوء ، فإذا حكمنا بصحّة الغسل فهو غسل جنابة ليس معه وضوء صدر الحدث قبله أم في أثنائه.
وأمّا القول الثّالث فمدركه أنّ حدوث الحدث في أثناء الغسل يبطله ويجعله كالعدم ومعه لا مناص من استئنافه من غير حاجة إلى ضمّ الوضوء إليه ، وهذا القول الأخير هو الأقوى.
والوجه فيه قوله سبحانه ( ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ... ) (٣) حيث دلّ على أنّ المكلّف الّذي قام إلى الصّلاة من النّوم أو من مطلق الحدث على قسمين جنب وغير جنب ، ووظيفة الجنب
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ ٢٥٦ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ، ٢ ، ٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٤٦ / أبواب الجنابة ب ٣٤.
(٣) المائدة ٥ : ٦.