وطهرت خمسة أيّام ثمّ رأت خمسة أيّام آخر ، وحينئذ قد يكون الطّهر المتخلّل بين الدمين عشرة أيّام أو أكثر ، ومعه يحكم بحيضيّة كلّ واحد من الدمين فيما إذا كانا واجدين للشرائط ، لعدم المانع من حيضيتهما بعد وجود أمارات الحيض في الدمين وتخلّل أقل الطّهر بينهما.
وقد لا يكون الطّهر المتخلّل بينهما عشرة أيّام بل أقل ، ومعه لا بدّ من ملاحظة الترجيح بينهما ، لعدم إمكان الحكم بحيضيّة الجميع ، لاستلزامه زيادة الحيض عن عشرة أيّام ، فلا بدّ من أن يكون أحدهما حيضاً دون الآخر ، فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر فما في العادة حيض دون الآخر ، وذلك لرواية يونس المتضمنة على أن كلّ ما تراه المرأة في أيّام عادتها فهو حيض ، دون ما تراه في غيرها (١) ، وكذلك غيرها من الأخبار الدالّة على أنّ ما تراه المرأة من صفرة أو حمرة في أيّام عادتها فهو حيض دون ما تراه في غيرها (٢) ، فيستفاد من ذلك أنّ الترجيح بالعادة مقدم على التمييز بالصفات ، لأنّه إنّما يرجّح ويميّز بها في غير أيّام العادة لا في العادة.
وأمّا إذا كان كلاهما في غير أيّام العادة فإن لم يكن شيء منهما متصفاً بأوصاف الحيض فيحكم بعدم كونهما حيضاً وإن كان ذلك خلاف ما هو المشهور بينهم ، لأنّ الصفرة في غير أيّام العادة ليست بحيض ، وقد عرفت أنّ الإمكان في قاعدة الإمكان بمعنى الإمكان القياسي ، ولا يمكن أن يكون شيء من الدمين حيضاً في مفروض الكلام بالقياس إلى أدلّة الشروط والأوصاف ، لأنّ الحيض كما يعتبر فيه أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام وأكثر من عشرة ويتخلّل بينه وبين الحيضة السابقة أقلّ الطّهر كذلك يعتبر فيه أن يكون أحمر أو أسود ، ففاقد الصفات غير مشمول لقاعدة الإمكان.
نعم ، لو تمّت قاعدة الإمكان بالمعنى غير الصحيح ، وهي القاعدة بمعنى الإمكان الاحتمالي ليقال : إنّ كلّ دم يمكن أي يحتمل أن يكون حيضاً فهو حيض ، فلا بدّ من
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٧٩ / أبواب الحيض ب ٤ ح ٣.
(٢) نفس الباب.