سقوط الاستصحاب عند الشكّ في النَّقاء
فالعمدة في المقام تحقيق أنّ الاستصحاب جار أو أنّه ساقط في محلّ الكلام.
والظاهر أنّ الاستصحاب ملغى في المقام ، وذلك لموثقة سماعة المتقدِّمة حيث أرجع الإمام عليهالسلام فيها إلى الاستبراء عند استكشاف أنّ المرأة حائض أو طاهرة ولم يرجعها إلى الاستصحاب مع أنّه مورد الاستصحاب لليقين بخروج الدم وجريانه والشك في بقائه ، فمن هذا يستكشف أنّ الاستصحاب ساقط في حقّه ، ومع عدم جريانه يدور أمر المرأة بين الاحتياط والاختبار كما عرفت.
ثمّ إنّ المنع عن جريان الاستصحاب بالموثقة لا يكشف عن أنّ الاستبراء شرط في صحّة الغسل بحيث لو اغتسلت من دون استبراء بطل غسلها ، وذلك لدلالة الموثقة على أنّ الغرض من الأمر به إنّما هو معرفة الحال وأنّها حائض أو طاهرة ، ولا دلالة لها على أنّ الاستبراء شرط في صحّة الغسل نظير شرطية الوضوء للصلاة.
وكذلك الحال في الصحيحة ، فإنّها إنّما تدل على أنّ المرأة بعد انقطاع دمها ظاهراً ليس لها أن ترتب أحكام الطاهرة على نفسها وتغتسل إلاّ أن تستبرئ ، وأمّا أنّ الاستبراء شرط في صحّة غسلها فلا يمكن استفادته من الصحيحة ، بل الاستبراء واجب عقلاً ، أو إن شئت قلت : إنّه واجب شرطي ظاهراً ، فإذا اغتسلت وتركت الاستبراء وكانت نقيّة واقعاً صحّ غسلها لا محالة. هذا كلّه فيما إذا كانت متمكنة من الاستبراء.
وأمّا إذا فرضنا عدم قدرتها عليه إمّا لشلل في يدها أو لعدم تمكنها من قطنة وما يشبهها من الأجسام ، فهل يجري الاستصحاب في حقّها أو لا بدّ من أن تحتاط؟
ظهر ممّا بيّناه آنفاً عدم جريان الاستصحاب في المقام لدلالة الموثقة على أنّ المرجع هو الاختبار دون الاستصحاب ، ولا وجه لتقييد الموثقة بحالة تمكن المرأة وقدرتها على الاستبراء ، لأنّه ليس من الواجبات التكليفيّة ليتقيّد بصورة القدرة عليه ، وإنّما هو واجب عقلي وشرط ظاهري ، ولا يفرق في مثله بين صورتي التمكّن وغيرها كما سبق غير مرّة ، فإذا لم يجر الاستصحاب في حقّها ولم تتمكن من الاستبراء