ولا يمكن القول بالإباحة بدعوى أنّ الأخبار الآمرة بالاستظهار وردت في مورد توهّم الحظر ، وذلك لما عرفت من أنّ المورد ليس كما توهّم.
كما لا يمكن المساعدة على ما ذهب إليه المشهور من حمل الطائفة الآمرة بالاستظهار على الاستحباب بقرينة الطائفة النافية للوجوب ، وذلك لأنّ الطائفة الثّانية تشتمل على الأمر بالاغتسال والصّلاة بعد أيّام عادتها ، فلا وجه لترجيح إحداهما على الأُخرى ورفع اليد عن ظاهر إحداهما بملاحظة الأُخرى دون العكس.
ودعوى : الجمع بينهما بحملهما على الوجوب التخييري أو الاستحباب كذلك.
مندفعة بأنّ الاغتسال وتركه وكذلك الصّلاة وتركها من الضدّين لا ثالث لهما ، ولا معنى للتخيير في مثلهما ، لأنّ المرأة بطبعها إمّا أن تفعلهما وأمّا أن لا تفعلهما. فهذا الوجه ساقط أيضاً.
ما جمع به صاحب الحدائق بين الطائفتين
وقد جمع صاحب الحدائق قدسسره بينهما تارة بحمل الطائفة الثّانية النافية لوجوب الاستظهار على التقيّة ، نظراً إلى أنّ الطائفة الآمرة بالاستظهار روايات معروفة مشهورة بين الأصحاب ، فقد علمنا لأجلها أنّ الاستظهار على اختلاف أيّامه أمر ثابت من مذهب الشيعة ، وأمّا عدم وجوب الاستظهار على المستحاضة فهو أمر موافق لمذهب الجمهور إلاّ مالكاً فإنّه ذهب إلى وجوب الاستظهار ثلاثة أيّام على ما نسبه العلاّمة إليه في المنتهي (١).
ويدفعه : أنّ معاملة المتعارضين بينهما والترجيح بمخالفة العامّة إنّما تصل النوبة إليها فيما إذا لم يمكن الجمع بينهما بوجه ، لوضوح أنّه مع إمكان الجمع بينهما لا تعارض حتّى يرجح بمرجحات المتعارضين.
على أنّ مخالفة العامّة كما ذكرناه في محله مرجح ثان في المتعارضين ، ولا تصل
__________________
(١) الحدائق ٣ : ٢٢٠ / في غسل الحيض.