الجمع المنقول عن صاحب المدارك ( قدسسره )
وعن صاحب المدارك حمل الأخبار الآمرة بالاستظهار على ما إذا كان الدم واجداً للصفات ، وحمل الأخبار المقتصرة على أيّام العادة بما إذا كان الدم فاقداً للصفات ، لأنّ الصفرة في غير أيّام العادة ليست بحيض (١).
ويدفعه : أنّ هذا الجمع جمع تبرّعي محض ولا شاهد عليه بوجه ، فإنّ الدّم في كلتا الطائفتين بمعنى واحد ، حيث إنّ الموضوع الواحد وهو الدم الّذي يتجاوز عن العادة قد حكم في إحدى الطائفتين بوجوب الاستظهار معه وحكم في الطائفة الأُخرى بوجوب الصّلاة والاغتسال معه ، فتقييده في إحداهما بشيء وفي الأُخرى بشيء آخر خلاف ظاهر الكلمة ، ولا يعدّ من الجمع العرفي في شيء.
وقد يجمع بينهما بحمل الأخبار الآمرة بالاستظهار على الحكم الظاهري ، وأنّ وظيفة المرأة ظاهراً أن تترك العبادة ظاهراً إلى ثلاثة أيّام أو أقل أو أكثر حتّى يتضح الحال بعد ذلك ، وحمل الأخبار الآمرة بالصلاة والاغتسال على بيان الحكم الواقعي وأنّ المرأة إذا تجاوز دمها العشرة ترجع إلى أيّام عادتها وتجعلها حيضاً والباقي استحاضة تجب عليها الصّلاة والاغتسال فيه ، فإذا انكشف بعد استظهارها أنّ الدم متجاوز عن العشرة فتقضي ما فاتها من الصلوات وغيرها.
وفيه ما عرفت من أنّ الأخبار الآمرة بالغسل والصّلاة ظاهرة في أنّ ذلك هو الوظيفة الفعليّة للمرأة ، وهذا ينافي حملها على بيان الحكم الواقعي ، فإنّ بيان الحكم الّذي لا يمكن إحراز موضوعه لغو لا أثر له ، ومن الظّاهر أنّ كشف تجاوز الدم عن العشرة إنّما هو متأخر عن أيّام العادة لا محالة ولا تعلم به المرأة بعد أيّام عادتها ، فماذا يفيدها الحكم الواقعي حينئذ وإن كان ذلك ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، لوضوح أنّ الدم إذا تجاوز العشرة فذات العادة ترجع إلى أيّام عادتها وتجعل الباقي استحاضة إلاّ أنّ الحكم الواقعي لا يفيدها فعلاً أي بعد تجاوز أيّام عادتها لعدم إحرازها
__________________
(١) المدارك ١ : ٣٣٤ / أحكام الحيض.