وأمّا رواية زرارة الأُولى فهي مطلقة كما ذكرنا ولا قرينة فيها على أنّ المستحاضة من الابتداء ، فلا بدّ من حملها على المستحاضة بعد العادة ، لصراحة ونصوصيّة الأخبار المقتصرة على العادة في عدم وجوب الاستظهار على المستحاضة من الابتداء.
على أنّ سندها ضعيف (١) لأنّه مضافاً إلى أنّ طريق الشيخ إلى ابن فضّال لم يثبت اعتباره في سندها جعفر بن محمّد بن حكيم ، ولم تثبت وثاقته بل ذمّه بعضهم إلاّ أنّه غير ثابت لجهالة الذامّ ، فإنّ الكشي نقل عن حمدويه أنّه كان عند الحسن بن موسى يكتب عنه أحاديث جعفر بن محمّد بن حكيم إذ لقيه رجل من أهل الكوفة سمّاه الكشي (٢) وفي يده كتاب فيه أحاديث الرّجل ، فقال له الكوفي : هذا كتاب من؟ قال له : كتاب الحسن بن موسى ، عن جعفر بن محمّد بن حكيم ، فقال له الكوفي : أمّا الحسن فقل له ما شئت ، وأمّا جعفر بن محمّد بن حكيم فليس بشيء ، وجهالة الكوفي الذام يمنعنا عن الحكم بذمّة (٣).
فما ذكرناه من الوجه ممّا لا إشكال فيه وإن كان الاحتياط بعد العادة وقبل العشرة بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة ولا سيما فيما إذا كانت مستحاضة من الابتداء ممّا لا بأس به ، لأنّه يولد العلم بالخروج عن عهدة الوظيفة الواقعيّة على كلّ تقدير.
وعليه يجب على المستحاضة بعد عادتها أعني من رأت الدم في أيّام عادتها وتجاوز عن عشرة أيّام أن تستظهر بيوم واحد وجوباً ، ويومين أو ثلاثة أو عشرة مخيراً ، بمعنى أنّها مخيّرة في غير اليوم الواحد بين أن تستظهر فتترك الصّلاة وغيرها من العبادات وبين أن تغتسل وتصلِّي.
__________________
(١) أمّا طريق الشيخ إلى ابن فضّال فقد عرفت الكلام فيه في الصفحة ٧٠ ، وأمّا جعفر بن محمّد بن حكيم فهو وإن لم يوثق في الرّجال غير أنّه ممّن وقع في أسانيد كامل الزّيارات ، وقد بنى سيِّدنا الأُستاذ ( دام ظلّه ) على وثاقة كلّ من وقع فيها ولم يضعّف بتضعيف معتبر.
(٢) بل لم يسمّه الكشي ونسي ذكر اسمه.
(٣) رجال الكشي ٥٤٥ / الرّقم ١٠٣١ في جعفر بن محمّد بن حكيم.