والوجه في ذلك أن الأخبار الواردة (١) في أنّها تستظهر بيوم أو يومين أو بثلاثة وما ورد في أنّها تستظهر بعشرة أيّام وإن كانت متعارضة لدى العرف ، حيث وردت محدّدة للحيض لأنّه الموضوع لترك الصّلاة وغيرها من أعمال المرأة الحائض والحيض أمر واقعي قد دلّت بعض الرّوايات على تحديده بيوم وبعضها الآخر بيومين وهكذا ، فهي من الأخبار المتعارضة لدى العرف بلحاظ تحديدها.
وليست تلك الرّوايات نظير ما إذا ورد الأمر بإتيان شيء مرّة واحدة وورد أمر آخر بإتيانه مرّتين وثالث بإتيانه ثلاث مرّات حتّى يؤخذ بالقدر المتيقن وهو المرّة الواحدة ويحكم بوجوبها ويحمل الباقي على الاستحباب ، بل الرّوايات متعارضة.
إلاّ أنّه لا مناص في المقام من الحكم بالتخيير بين الاستظهار وعدمه في اليومين والثّلاثة والعشرة ، وذلك لدلالة الأخبار على ذلك في نفسها ، حيث ورد في رواية واحدة كما في موثقة سعيد بن يسار (٢) أنّها تستظهر بيومين أو ثلاثة ، وهي نص في التخيير بينهما.
نعم لم يذكر فيها الاستظهار بعشرة أيّام ، إلاّ أنّ تلك الرّواية تدلّنا على أنّ الأخبار الواردة في المقام ليست ناظرة إلى التحديد ليكون بعضها معارضاً لبعض ، وإنّما هي واردة لبيان أنّ المرأة مخيّرة في الاستظهار بيومين أو ثلاثة أو عشرة فلا يبقى بينهما تعارض.
نعم ، يقع الكلام حينئذ في أنّه ما معنى كونها مخيّرة بين الاستظهار وتركه ، لأنّه يرجع إلى أنّها مخيّرة بين أن تصلّي وأن لا تصلّي ، وكيف يمكن الحكم بالتخيير في الواجب كالصلاة ، إذ لا معنى لوجوبها مع كونها متمكنة من تركها.
ويندفع بأنّ التخيير في تلك الرّوايات إنّما يرجع إلى أنّ التحيّض اختياره بيد المرأة ، فلها أن تجعل نفسها حائضاً في تلك الأيّام كما أنّ لها أن تجعل نفسها مستحاضة ، وهما الموضوعان لمثل وجوب الصّلاة أو وجوب تركها ، ومع اختيار
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٠٠ / أبواب الحيض ب ١٣ ، ٣٨٢ / أبواب النّفاس ب ٣.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٠٢ / أبواب الحيض ب ١٣ ح ٨.