الأيّام الّتي ترى فيها الصفرة بمقتضى الدلالة الالتزاميّة لأنّ الحيض لا يقل عن ثلاثة أيّام ، كذلك مقتضى الأمارة القائمة على الاستحاضة أنّ اليوم الواحد ليس بحيض فتدل بالدلالة الالتزاميّة على أنّ الدم في اليومين أيضاً ليس بحيض ، لأنّ الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيّام ، فالدلالة الالتزاميّة في كلّ من الأمارتين معارضة بالدلالة الالتزاميّة في الأُخرى ، ومع المعارضة تتساقطان فيحكم بأن المرأة غير متمكنة من التمييز بالصفات.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المرسلة وغيرها من أخبار الصفات إنّما تدل على أنّ إقبال الدم أو غيره من الصفات أمارة الحيض ، ولا دلالة لها على أنّ الإدبار والصفرة أمارة على الاستحاضة ، وإنّما يحكم بالاستحاضة عند إدبار الدم وصفرته من جهة فقدان أمارة الحيض لا من جهة قيام الأمارة على الاستحاضة. وعليه فالأمارة أمارة الحيض ، ومقتضى مدلولها الالتزامي أنّ يوماً من أيّام الصفرة منضم إلى اليومين وأنّه حيض ، كما دلّ بالمطابقة على حيضيّة الدم في اليومين لأنّه واجد للصفات من غير أن تكون معارضة بشيء.
توضيح كلام المحقّق الخراساني ( قدسسره )
والظّاهر والله العالم أنّ هذا هو المراد من كلام المحقّق الخراساني قدسسره من أنّه ليس الادبار الّذي يوجب البناء على الاستحاضة كالإقبال كي يعارض به ضرورة أنّه تبع الإقبال كما لا يخفى على المتأمل (١).
ومعنى أنّ الادبار تبع الإقبال أنّ الامارة هي الإقبال ، ومع فقدها نحكم بالاستحاضة لفقدها لا لوجود الادبار ، وإن كان الادبار متحقّقاً وتبعاً للإقبال.
وهذا نظير ما ذكروه فيما إذا وجد قطعة من الحيوان المذبوح في يد مسلم وقطعة اخرى منه في يد كافر وشككنا أنّه هل وقع عليه التذكية أم لم يقع ، فإن قلنا أنّ يد
__________________
(١) نقله عن رسالة الدّماء في المستمسك ٣ : ٢٨٢.