وقد دفعنا هذا أيضاً (١) بأنّ أدلّة القاعدة عامّة للصلاة وغيرها ، لقوله عليهالسلام « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه » (٢) ، وإنّما طبّقه الإمام عليهالسلام على الشكّ في السّجود بعد ما قام أو على الشك في الأذان وقد دخل في الإقامة ، كما في رواية أُخرى (٣). وعليه فلا قصور في أدلّة اعتبارها ، وإنّما لا نلتزم بجريانها في الوضوء للنص (٤) ، وأمّا الغسل والتّيمم فلا محذور في جريانها فيهما.
بقي هناك بحث صغروي : وهو أنّه إذا شكّ في غسل الأيمن وقد دخل في غسل الجانب الأيسر هل تجري فيه قاعدة التّجاوز ولا يعتني بشكّه ، أو لا بدّ من الاعتناء به؟
يبتني هذا على أنّ التّرتيب معتبر في غسل الجانبين أو غير معتبر ، فعلى الأوّل تجري القاعدة ، للتجاوز عن محل المشكوك فيه بالدخول في الجزء المترتب عليه ، وأمّا بناءً على عدم اعتبار التّرتيب بينهما كما هو الصّحيح فلا ، لعدم التّجاوز عن المحل. هذا كلّه إذا شكّ في غير الجزء الأخير وهو في أثناء العمل.
وأمّا إذا شكّ في غير الجزء الأخير بعد الفراغ عن العمل فهو أيضاً مورد لقاعدة التّجاوز ، لأنّها كانت تقتضي الحكم بإتيانه وصحّته عند الشكّ في الأثناء ، فما ظنّك بما إذا شكّ فيه بعد الفراغ.
وأمّا إذا شكّ في الإتيان بالجزء الأخير من الغسل كالإتيان بغسل الجانب الأيسر بناءً على اعتبار التّرتيب بينه وبين غسل الجانب الأيمن ، أو الإتيان بغسل الجسد بناءً على عدم اعتبار التّرتيب بين الجانبين ، وهو مشتغل بالكتابة أو بأمر آخر مثلاً فهل تجري قاعدة الفراغ ويحكم بصحّة العمل ، أو قاعدة التّجاوز ويحكم بإتيان
__________________
(١) في مصباح الأُصول ٣ : ٢٨٠. وراجع المسألة [٥٨٦].
(٢) الوسائل ٦ : ٣١٧ / أبواب الرّكوع ب ١٣ ح ٤ صحيحة إسماعيل بن جابر.
(٣) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصّلاة ب ٢٣ ح ١ صحيحة زرارة.
(٤) الوسائل ١ : ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٣.