وحينئذ فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء بعده أو قبله (١) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمّ لو بنينا فيه بالاجتزاء والتداخل للصحيحة المتقدّمة فإن لم نبن على أنّ قصد أحد الغسلين يجزئ عن الغسل الآخر فيما إذا لم يقصده لغفلته ، كما إذا اغتسل للجنابة وغفل عن أنّ اليوم جمعة أيضاً فلا وجه للقول بالإجزاء فيما إذا قصد الغسل المبيح ولم يقصد الغسل الرّافع ، وأمّا إذا بنينا على الإجزاء حينئذ كما هو الصّحيح وأنّه إذا قصد أحد الأغسال الثّابتة عليه أجزأه عن جميع أغساله وإن لم يلتفت إليه ، فأيضاً لا يمكننا الالتزام بحصول الامتثال للجميع في المقام ، نعم نلتزم بالإجزاء كما عرفت ، إلاّ أنّه لا موجب ولا سبب لتحقق امتثال الغسل الرّافع عند قصد المبيح مع عدم قصد الرّافع بوجه.
لا يشرع الوضوء مع غسل الجنابة
(١) وذلك لعدم المقتضي للوضوء حينئذ ولوجود المانع عنه.
أمّا عدم المقتضي فلقوله تعالى ( ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ... وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ... ) (١) ، لأنّه دلّ بصدره على أنّ كلّ محدث بالنوم أو بغيره يتوضأ إذا قام إلى الصّلاة ، ثمّ حكم في حقّ المجنب بالاغتسال ، وحيث إنّ التفصيل قاطع للشركة فتدل الآية المباركة على أنّ الوضوء وظيفة المحدث غير الجنب ، وأمّا وظيفة المحدث المجنب فهي الاغتسال ، وقد صرّح بذلك في قوله عزّ من قائل ( ... لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ... وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ... ) (٢) ، وبما أنّ المكلّف مجنب على الفرض فليست وظيفته الوضوء ، سواء قلنا بأنّ مثل مسّ الميت والحيض ونحوهما أسباب للوضوء وناقض له أيضاً أو قلنا بأنّها ليست بأسباب له ، فعلى جميع التقادير لا مقتضي للوضوء حينئذ.
__________________
(١) المائدة ٥ : ٦.
(٢) النِّساء ٣ : ٤٣.