بينهم حكما وهو سعيد بن خثيمة (١) ، وكان بأطراف الشام ، فخرجوا حتى إذا كانوا بمفازة بين الحجاز والشام بلغ بهم الجهد والعطش ولم بجدوا ماء ، فقالوا لعبد المطلب : ما تفعل؟ قال : كل واحد منكم يحفر حفيرة لنفسه فقعلوا ، ثم ركب عبدالمطلب راحته وساربها (٢) فنبع الماء من تحت خفها فكبر وكبرت أصحابه وشروبا جمعيهم وملؤا قربهم وحلفوا أن لا يخالفوه في زمزم ، فقالوا : إن الذي أسقاه الماء في هذه الفلاة هو الذي أعطاه زمزم ، ورجعوا ومكنوه من الحفر (٣).
فلما تمادى على الحفر وجد غزالين من ذهب وهما اللذان دفنهما جرهم ، ووجد أسيافا كثيرة ودروعا ، فطلبوه بنصيبهم فيها ، فقال لهم : هلموا إلى من ينصف بيننا ، فنضرب القداح (٤) فنجعل للكعبة قدحين ، ولي قدحين ، ولكم قدحين ، فمن خرج قدحاه كان هذا له ، قالوا : أنصفت ، فجعل قدحين أصفرين للكعبة ، وقدحين أسودين له ، وقد حين أبيضين لقريش ، ثم أعطاه لصاحب القادح (٥) وهو عند هبل ، وهبل صنم في الكعبة ، فضرب بهما فخرج الاصفران على الزالين ، وخرج الاسودان على الاسياف والدروع لعبد المطلب ، وتخلف قدحا قريش ، فضرب عبدالمطلب الاسياف ما بين الكعبة ، فضرب في الباب الغرالين من الذهب ، وأقام عبدالمطلب بسقاية زمزم لحاج (٦).
وما كان بمكة من يحسده ويضاده إلا رجل واحد وهو عدي بن نوفل ، وكان أيضا صاحب منعة (٧) وبسطة وطول يد ، وكان المشار إليه قبل قدوم عبدالمطلب ، فلما قدم
_________________
(١) في المصدر : سعيد بن جندب ، في سيرة لابن هشام : كاهنة بنى سعد هذيم.
(٢) وأشاربها خ ل.
(٣) ذكره ابن هشام في السيرة ثم قال : ( قال ابن اسحاق : فهذا الذى بلغنى من حديث على بن أبى طالب رضياللهعنه في زمزم ).
(٤) القدح بالكسر : السهم الذى كانوا يقتسمون به.
(٥) في المصدر : ثم أعطى لصاحب القداح أجرته وفي هامش نسخة المصنف : ودفع اليه اجرته خ ل.
(٦) ذكره ايضا ابن هشام في السيرة ١ : ١٥٨.
(٧) المنعة : العزة والقوة.