« واصطبر عليها » أي وأصبر على فعلها وعلى أمرهم بها « لا نسألك رزقا » لخلقنا ولا لنفسك ، بل كلفناك للعبادة وأداء الرسالة ، وضمنا رزق جميع العباد « نحن نرزقك » الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ، والمراد به جميع الخلق ، أى نرزق جميعهم ولا نسترزقهم « والعاقبة للتقو » أى العاقبة المحمودة لاهل التقوى. (١)
قوله تعالى : « واخفض جناحك » أي لين جانبك لهم ، مستعار من خفض الطائر جناحه : إذا أراد أن ينحط « الذى يراك حين تقوم » أي إلى التهجد ، أو للانذار « وتقلبك في الساجدين « أى ترددك في تصفح أحوال المتهجدين ، كما روي أنه صلىاللهعليهوآله لما نسخ فرض قيام الليل طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع من دندنتهم (٢) بذكر الله والتلاوة ، أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أمهم (٣). قال الطبرسي : وقيل معناه وتقلبك في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا (٤) ، وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام ، قالا : في أصلاب النبيين نبي بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه من نكاح غير سفاح ، من لدن آدم (٥).
قوله تعالى : « إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر » أى سبب للانتهاء عن المعاصي حال الاشتغال بها وغيرها ، من حيث أنها تذكر الله وتورث للنفس خشية منه ، أو الصلاة الكاملة هي التي تكون كذلك ، فإن لم تكن كذلك فكأنها ليست بصلاة ، كما روى الطبرسي (٦) مرسلا عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم
____________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٣٧.
(٢) دندن الرجل : نغم ولم يفهم منه كلام.
(٣) الظاهر أنه مصحف ، والصحيح اممتهم بلفظة الخطاب.
(٤) رواه عن ابن عباس في رواية عطاء وعكرمة.
(٥) مجمع البيان ٧ : ٢٠٧.
(٦) مجمع البيان ٨ : ٢٨٥.