أقول : وللشيخ الراوندي قدس الله روحه هنا كلام طويل الذيل في بيان إعجاز القرآن ودفع الشبهة الواردة عليه ، والفرق بين الحيلة والمعجزة ، عسى أن نورده في كتاب القرآن إن شاء الله تعالى.
( باب ٢ )
* ( جوامع معجزاته صلىاللهعليهوآله ونوادرها ) *
١ ـ ب : الحسن بن ظريف ، عن معمر ، عن الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر (ع) قال : كنت عند أبي عبدالله (ع) ذات يوم وأنا طفل خماسي إذ دخل عليه نفر من اليهود فقالوا : أنت ابن محمد نبي هذه الامة ، والحجة على أهل الارض؟ قال لهم : نعم ، قالوا : إنا نجد في التوراة أن الله تبارك وتعالى آتى إبراهيم وولده الكتاب والحكم والنبوة ، وجعل لهم الملك والامامة ، وهكذا وجدنا ذرية الانبياء لا تتعداهم النبوة والخلافة والوصية ، فما بالكم قد تعداكم ذلك ، وثبت في غيركم ، ونلقاكم مستضعفين مقهورين ، لايرقب فيكم ذمة نبيكم (١)؟ فدمعت عينا أبي عبدالله عليهالسلام ، ثم قال : نعم لم تزل أنبياء الله (٢) مضطهدة (٣) مقهورة مقتولة بغير حق ، والظلمة غالبة ، وقليل من عباد الله الشكور ، قالوا : فإن الانبياء وأولادهم علموا من غير تعليم ، واوتوا العلم تلقينا (٤) ، وكذلك ينبغي لائمتهم وخلفائهم وأوصيائهم ، فهل اوتيتم ذلك؟ فقال أبوعبدالله عليهالسلام : ادنه يا
___________________
كانوا يسمعون آيات الله فيريدون إبطالها ويصدون الناس عن اتباع النبى (ص) قالوا : « إن هذا لسحر مبين » أو « إن هذا إلا سحر يؤثر » ونحوهما ، فيستفاد من تلك الايات أنهم لما رأوا أن فصاحة القرآن وبلاغته يكون في مرتبة لا يمكنهم الاتيان بمثله وأنهم عاجزون عن التكلم يشبهه لم يعرفوا طريقا أبلغ لصدالناس عن الدخول في الاسلام إلا أن يرموا النبى بأنه الساحر ، وأن قرآنه سحر مبين ، فلو كان القرآن في حد سائر كلام الادميين لكان كلامهم هذا كلاما ساقطا لا يعبأ به أحد.
(١) أى لا يحفظ فيكم ذمة نبيكم ، والذمة : العهد والامان. والحرمة والحق.
(٢) امناء الله خ ل.
(٣) اضطهده : قهره وجار عليه. أذاه واضطره بسبب المذهب والدين.
(٤) أى تلقينا من الملك بوحى وإلهام ، ولم يكن علومهم مكتسبة من طريق يكتسب غيرهم.