موسى ، فدنوت فمسح يده على صدري ، ثم قال : اللهم أيده بنصرك بحق محمد وآله ، ثم قال : سلوه عما بدا لكم ، قالوا : وكيف نسأل طفلا لا يفقه؟ قلت : سلوني تفقها ، ودعوا العنت (١).
قالوا : أخبرنا عن الآيات التسع التي اوتيها موسى بن عمران ، قلت : العصا ، و إخراجه يده من جيبه بيضاء ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر ، قالوا : صدقت ، * فما اعطي نبيكم من الآيات اللاتي نفت الشك عن قلوب من ارسل إليه؟ قلت : آيات كثيرة أعدها إن شاء الله ، فاسمعوا وعوا وافقهوا ، أما أول ذلك فإن أنتم تقرون أن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه فمنعت في أوان (٢) رسالته بالرجوم ، وانقضاض النجوم ، وبطلان الكهنة والسحرة.
ومن ذلك كلام الذئب يخبر بنبوته ، واجتماع العدو والولي على صدق لهجته ، وصدق أمانته ، وعدم جهله أيام طفوليته ، وحين أيفع ، وفتى (٣) وكهلا ، لا يعرف له شكل (٤) ، ولا يوازيه مثل.
ومن ذلك أن سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة وفد عليه (٥) قريش فيهم عبدالمطلب ، فسألهم عنه ، ووصف لهم صفته فأقروا جميعا بأن هذه الصفة في محمد ، فقال : هذا أوان مبعثه ، ومستقره أرض يثرب وموته بها.
ومن ذلك : أن أبرهة بن يكسوم (٦) قاد الفيلة إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه ، فقال عبدالمطلب : إن لهذا البيت ربا يمنعه ، ثم جمع أهل مكة فدعا ، وهذا بعدما أخبره سيف بن ذى يزن ، فأرسل الله تبارك وتعالى عليهم طيرا أبابيل ودفعهم عن مكة وأهلها.
__________________
(١) أى ولا تسألونى متعنتا ، والمتعنت : من يسأل غيره من جهة التلبيس عليه.
(٢) من أوان خ ل. وهو الموجود في المصدر.
(٣) وفتى أى حين كان فتى والفتى : الشاب الحدث.
(٤) الشكل : المثل والنظير.
(٥) وفد خ ل وفى المصدر : وفد عليه مثل وفد قريش. أقول : لعل كلمة مثل زائدة.
(٦) تقدمت قصته في الباب الاول : ج ١٥ ص ٦٥.