إلى الآية المعجزة في الدنيا ، ليستدل الناس بها على صحة النبوة ، ويعرفوا صدق الصادق لا في حال انقطاع التكليف والوقت الذي يكون الناس فيه ملجئين إلى المعرفة ، و لانه سبحانه قال : « ويقولوا سحر مستمر » وفي وقت الالجاء لا يقولون للمعجز : إنه سحر (١).
وقال الرازي : المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر حصل فيه الانشقاق ، و دلت الاخبار على حدوث الانشقاق ، وفي الصحاح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة ، قالوا : سئل رسول الله (ص) انشقاق القمر معجزة ، فسأل ربه فشقه ، وقول بعض المفسرين : المراد سينشق بعيد ولا معنى له لان من منع ذلك وهو الطبيعي يمنعه في الماضي و المستقبل ، ومن وجوزه لا حاجة إلى التأويل ، وإنما ذهب إليه ذلك الذاهب لان الانشقاق أمر هائل ، فلو وقع لعم وجه الارض ، فكان ينبغي أن يبلغ حد التواتر ، فنقول : إن النبي (ص) لما كان يتحدى بالقرآن وكانوا يقولون : إنا نأتي بأفصح ما يكون من الكلام ، وعجزوا عنه وكان القرآن معجزة باقية إلى قيام الساعة لا يتمسك بمعجزة آخرى فلم ينقله العلماء بحيث يبلغ حد التواتر ، وأما المؤرخون تركوه لان التواريخ في أكثر الامر يستعملها المنجمون ، وهم لما وقع الامر قالوا : بأنه مثل خسوف القمر وظهور شئ في الجو على شكل نصف القمر في موضع آخر ، فلذا تركوا حكايته في تواريخهم ، والقرآن أدل دليل وأقوى مثبت له ، وإمكانه لا يشك فيه ، وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه ، وحديث امتناع الخرق والالتيام حديث اللئام ، وقد ثبت جواز الخرق و التخريب على السماوات ، ثم قال : وأما كون الانشقاق آية للساعة فلان منكر خراب العالم ينكر انشقاق السماء وانفطارها وكذلك قوله في كل جسم سماوى من الكواكب فإذا انشق بعضها ثبت خلاف ما يقول به من عدم جواز خراب العالم انتهى (٢).
وقال القاضي في الشفاء : أجمع المفسرون وأهل السنة على وقوع الانشقاق ، وروى البخاري ، بإسناده عن أبي معمر ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله
___________________
(١) مجمع البيان ٩ : ١٨٦.
(٢) مفاتيح الغيب ج ٧ مع اختلاف يسير فراجع.