أحدهما : أن نقول : إن هذه الكلمة باطلة.
والثاني : أن نقول : إنها ليست كلمة باطلة ، أما على الوجه الاول فذكروا فيه طريقين : الاول قال ابن عباس في رواية عطاء : إن شيطانا يقال له : الابيض أتاه على صورة جبرئيل عليهالسلام ، وألقى عليه هذه الكلمة فقرأها ، فسمع المشركون ذلك و أعجبهم ، فجاءه جبرئيل عليهالسلام واستعرضه ، فقرأ السورة فلما بلغ إلى تلك الكلمة قال جبرئيل (ع) : أنا ما جئتك بهذه ، قال رسول الله (ص) : إنه أتاني آت على صورتك فألقاه (١) على لساني.
الطريق الثاني : قال بعض الجهال إنه (ص) لشدة حرصه على إيمان القوم أدخل هذه الكلمة من عند نفسه ، ثم رجع عنها ، وهذان القولان لا يرغب فيهما مسلم البتة ، لان الاول يقتضي أنه صلىاللهعليهوآله ما كان يميز بين الملك المعصوم ، والشيطان الخبيث.
والثاني : يقتضي أنه كان خائنا في الوحي ، وكل واحد منهما خروج عن الدين.
وأما الوجه الثاني : وهو أن هذه الكلمة ليست باطلة ، فههنا أيضا طرق :
الاول : أن يقال : الغرانيق هم الملائكة وقد كان ذلك قرآنا منزلا في وصف الملائكة فلما توهم المشركون أنه يريد آلهتهم نسخ الله تلاوته.
الثاني : أن يقال : إن المراد منه الاستفهام على سبيل الانكار ، فكأنه قال : أشفاعتهن ترتجى؟
الثالث : أنه تعالى ذكر الاثبات وأراد النفي كقوله تعالى : « يبين الله لكم أن تضلوا (٢) » أي لا تضلوا ، كما يذكر النفي ويريد به الاثبات كقوله تعالى : « قل تعالوا أتل ما حرم عليكم ربكم أن لا تشركوا به (٣) » والمعنى أن تشركوا ، وهذان الوجهان الاخيران يعترض عليهما بأنه لو جاز ذلك بناء على هذا التأويل فلم لا يجوز أن يظهروا كلمة الكفر في جملة القرآن ، أو في الصلاة بنآء على التأويل ، ولكن الاصل في الدين أن
___________________
(١) في المصدر : فألقاها.
(٢) النساء : ١٧٦.
(٣) الانعام : ١٥١ ، والصحيح كما في المصحف الشريف والمصدر : حرم ربكم عليكم.