والدليل البسيط على نفي إمكان رؤية الله تعالى بالعين أن ما تراه العين لا بد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان ، والله تعالى وجود متعال على الزمان والمكان ، لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم ، فكيف نفترضه محدوداً بهما خاضعاً لقوانينهما !
لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان ، حتى ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانين الزمان والمكان ، وحتى أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء ! وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع ، وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيها !
لكن مع ذلك فإن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان ، وأن بإمكان الإنسان أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلى من الزمان والمكان ويؤمن به ، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين .
وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين بالنسبة إلى وجود الله تعالى ، لا أن نجره إلى محيط وجودنا ومألوف أذهاننا ، كما فعل اليهود عندما شبهوه بخلقه وادعوا تجسده في عزير عليهالسلام وغيره ، وكما فعل النصارى فشبهوه بخلقه وادعوا تجسده بالمسيح عليهالسلام وغيره ! !
الرسول صلىاللهعليهوآله يعلم الأمة التوحيد
ـ قال الصدوق في كتابه التوحيد ص ١٠٧
حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمهالله قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهمالسلام قال : مر النبي صلىاللهعليهوآله على رجل وهو رافع بصره إلى السماء يدعو ، فقال له رسول : غض بصرك ، فإنك لن تراه .