ولقد كانت الترجمات المتعددة للقرآن الكريم في لغات متعددة مجالا لدراسات خاصة استوفينا البحث عنها في عمل مستقل (١).
ولا حاجة بنا هنا إلى تسليط الأضواء عليها ، والخوض في جواز الترجمة أو عدمه ، وسرد آراء الفقهاء في ملابساتها ، بقدر ما يهمنا الخوض في القضية الثانية لصميم الموضوع المتعلقة بالمشكلات البلاغية التي تعاني منها هذه الترجمات.
الترجمة في الأعمال الثقافية العادية ـ فضلا عن القرآن الكريم ـ لا تخلو من المشكلات ، وفي الحديث عن مشكلات الترجمة لا يصح أن نقحم ضعف المترجم في اللغة التي يترجم منها ، والتي يترجم إليها ، إذ لا يسمى المترجم مترجما حقا إلا حين يتمكن من اللغتين كتابة وقراءة وكذلك يجدر بنا أن نفترض إخلاص المترجم في عمله ، وحسن نيته وأنه حين أخرج النص المترجم قد بذل الجهد وتحرى الصواب ، ولم يكن متأثرا بمذهب خاص يصبغ ترجمته بصيغة خاصة. أن أن للترجمة مشكلات وصعوبات حتى مع اتقان المترجم للغتين ، وأمانته وإخلاصه في عمله. وتتمثل هذه المشكلات بما يلي :
أ ـ نظام الجملة في اختلاف اللغات بنظام الجمل وترتيب الكلمات.
ب ـ كل ما يتعلق بجمال الألفاظ وجرسها.
ج ـ دلالة الكلمات وحدود معانيها.
ودلالة الكلمات في مجال الأفكار وفي النشاط العلمي تلتزم عادة حدودا لا تتعداها ، أما في ترجمة النّصوص الأدبية فالمشكلة أشد عسرا وأصعب منالا ، ذلك لأن الآداب تعتمد على التصوير والعاطفة والتأثير والانفعال ، إلى جانب ما يمكن أن تشتمل عليه من أفكار (٢).
__________________
(١) ظ : المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية ، الفصل الثاني.
(٢) ظ : إبراهيم أنيس ، دلالة الألفاظ : ١٧١ وما بعدها بتصرف واختصار.