القرآن الكريم. وبدون تسخير هذه المواد في عملية الترجمة القرآنية ، تتخلى أية ترجمة عن مقومات الجمال اللفظي ، والتناسق الفني ، والتعبير المجازي والبعد البياني ، في كل من جرس الألفاظ ودلالتها ، ووعي الكلمات وثرائها ، وأداء الصنعة وسلامتها في المعاني الأولية والثانوية إلى جانب وجوه تحسين الكلام.
ان استقراء المشكلات البلاغية لترجمة القرآن الكريم بمؤشر عام يتمثل بنقاط رئيسية على وجه الحصر من ضم بعضها إلى البعض الآخر فمنها ما يدور حول اللفظة المفردة ودلالتها الدقيقة ومنها ما ينتج من ضم اللفظ إلى لفظ آخر في تركيب جملي ، ومنها ما يتأتى من ارتباط الألفاظ بالمعاني ، والمعاني بالصور ، فتحصل من هذا أن المشكلة إما أن تكون مرتبطة باللفظ ، وإما أن تكون مرتبطة بالمعنى ، وإما أن تكون متعلقة باقتران الألفاظ بالمعاني ، وكشف العلاقة الفنية القائمة بينهما ، فتمثلت لنا المشكلات البلاغية ـ من خلال تصورنا القاصر ـ متعينة بثلاثة مؤشرات هي : دلالة الألفاظ ، التركيب الجملي ، النظم والسياق القرآني ، ولتتبع جزئيات هذه المفردات نقف بإزاء كل واحدة منها وقفة تمحيصية توضح وجه المشكلات ومعالمها :
الألفاظ بصيغتها الانفرادية تنقل الصورة الذهنية للشيء من الخارج وبضمها إلى غيرها تشكل النص الأدبي ، وبطبيعتها في الدلالة تمثل حديث النفس في الرفض لها أو الاستجابة ، بحسب التأثر بموقعها من الأعماق.
ودلالة الألفاظ تتقلب بين تخير اللفظ بإصابته للمعنى ، وإيقاع اللفظ في جرسه الموسيقى وفي موافقته لما قبله وما بعده في التركيب. وقد اهتم القرآن الكريم بهذه العناصر الفنية ، فحرص على موسيقى اللفظ وسحر العبارة ، وإصابة المعنى ، فكانت اللفظة المفردة عنده متميزة بقيمتها الجمالية ، ومفهومها البنائي في دلالات شتى ، تشمل مختلف الدلالات اللفظية ، صوتية كانت أو اجتماعية أو إيحائية أو هامشية ، وكلها ذات علاقة وثيقة بفهم من يستخرجها. فإذا تم استخراجها ، بقيت مسألة ترجمتها ، فهل