الترجمة كالاستعارة والتمثيل والكناية فهي إنما يتحقق معناها بالمفهوم المجازي المستعملة فيه ، ولا يتحقق هذا المفهوم إلا بمعرفة معنى المعنى أو المعنى الثانوي المستفاد من طبيعة الاستعمال المجازي ليتم التفريق بين الاستعمالين ، وفي ضوئه يصار إلى الترجمة بعد التوصل إلى إرادته الاستعمالية في القرآن لا سيما في الاستعارة التي عبر عنها عبد القاهر الجرجاني ( ت : ٤٧١ ه ) « انك تثبت بها معنى لا يعرف السامع ذلك المعنى من اللفظ ، ولكنه يعرفه من معنى اللفظ » (١).
٥ ـ وما يشترط في مخارج الكلمة المفردة العربية ، وهو : أن يكون تأليف تلك اللفظة من حروف متباعدة المخارج (٢). ولا يمكن تحقيقه في الترجمة لألفاظ القرآن ، إذ تتعرض الألفاظ المترجمة لهذا النقص في أغلب الصيغ وقد يكون اللفظ القرآني سهلا ومرنا في فصاحته وليس الأمر كذلك في ترجمته ، سواء أكان ذلك في تركيب الحروف أم كان في جرسها وصداها الخارجي.
أما ما اشترطه علماء البلاغة بكون الكلمة معتدلة « غير كثيرة الحروف فإنها متى زادت على الأمثلة المعتادة المعروفة قبحت وخرجت عن وجه الفصاحة » (٣) فأمر غير متيسر إطلاقا في الترجمة العادية فضلا عن الترجمة القرآنية ، إذ قد تترجم اللفظة القليلة الحروف بما يعادلها معنى في لفظ كثير الحروف. وتأسيسا على ما تقدم فإن فصاحة الكلمة وسلامة مخارجها ، ومناسبة حروفها ، من مشكلات الترجمة التي لا يمكن تلافيها بعامة.
٦ ـ وقد تكون اللفظة في القرآن من الأضداد ، تصدق على المعنى وضده ، كما هي الحال في القرء من قوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) ) (٤).
__________________
(١) الجرجاني ، دلائل الإعجاز : ٣١٠.
(٢) ابن سنان ، سر الفصاحة : ٦٦٥.
(٣) المصدر نفسه : ٩٥.
(٤) البقرة : ٢٢٨.