ازاء الاستعارة في هذا الجزء من الآية ، واستفادة المعنى المراد منها في استنباط القدر الجامع بين المستعار منه والمستعار له ، وفي التماس الشبه الحسي بينهما ، مما يجعل الترجمة غير قادرة على كشف هذه المميزات وسبر أغوارها.
وما يقال هنا يقال بالنسبة للاستعارة التخييلية في قوله تعالى :
( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) (١).
فهذا التركيب ينظر له من جهتين ، الأولى : الألفاظ ودلالتها منفردة. والثانية دلالة هذه الألفاظ منضمة إلى بعضها ، لإدراك حقيقة الاستعارة من الألفاظ ذاتها بربط بعضها من بعض ، لأن الألفاظ منثورة تلتبس بين الاستعمال الحقيقي والمجازي ، وبتركيبها الجملي تبرز دلالتها المحددة في الاستعمال.
ومن هنا يبدو أن تحديد الغرض الأصلي والفرعي من هذه المركبات الجملية إنما يتميز من خلال التركيب نفسه ، وهذا التركيب يجب الوفاء به في الترجمة ، وهو ما يعسر تطبيقه ، وشواهد القرآن على هذا لا تحصى ، ومعالمه لا تستقصى.
ان الذي يهمنا في بحث التركيب الجملي عند الترجمة هو المحافظة على الأداء الذي يعطي المعاني والأغراض والإشارات متكاملة وهذا ما لم نجده في ترجمة ما على وجه اليقين.
يقول أبو سليمان الخطابي ( ت : ٣٣٨ ه ) :
« وأما رسوم النظم فالحاجة إلى الثقافة والحذق فيها أكثر ، لأنها لجام الألفاظ وزمام المعاني وبه تنتظم أجزاء الكلام ، ويلتئم بعضه ببعض فتقدم له صورة في النفس يتشكل بها البيان (٢).
__________________
(١) الإسراء : ٢٤.
(٢) الخطابي ، بيان إعجاز القرآن : ٣٦.