وترتيب السياق في القرآن ، وهي عملية مقصودة بذاتها وليست كيفما اتفق بل تجري وفق تخطيط دقيق كفيل بإيضاح تعلق الآيات بالموضوعات والموضوعات بالسور ، وذلك كاف في الدلالة على الاتصال المباشر بين جزئيات السورة الواحدة ، بل وبين عبارات الآية الواحدة ، ورصد هذا الترابط في النظم بحاجة إلى إحساس بلاغي عميق في موضع البيان كافة لاستجلاء خصائص البناء القرآني في جميع أبعاده المتشعبة.
لهذا يبدو أن الترجمة لا تكون دقيقة حتى إذا كانت على وجه التفسير وبذلك لا تعود ذات قيمة بلاغية لفقدانها الكثير من مواقع التعبير القرآني بصلاته السابقة واللاحقة في منظور النظم والسياق.
وهناك مضافا إلى ما سبق بيانه من مشكلات النظم القرآني وطبيعته التركيبية ما نلمس معه بعض التصرفات غير الأمينة في جملة من الترجمات ينطبع أثرها على السياق والنظم ، منها ما لم يقصد إليه ولكنه اجتهاد خاطئ ، ومنها ما قصد إليه عمدا بغية تغيير المفاهيم ، وتحديد شمولية القرآن الكريم فمن القسم الأول ما وقع به عبد الله يوسف علي في ترجمته الانجليزية للقرآن ، فقد لوحظ أن المترجم قد يبيح لنفسه تقديم كلمة في التركيب وتأخير أخرى ، حتى وإن أدى ذلك إلى تغيير المعنى وتجاوز النظم. ففي قوله تعالى :
( ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) ) (١).
يترجمها كالآتي :
To those F ear god، Without doubt ، initisg uidan eesure ؛ This is the Book (٢)
ومعناها : هذا هو الكتاب ، فيه هداية قطعية من دون شك للذين يخافون الله.
__________________
(١) البقرة : ٢.
(٢) عبد الله يوسف علي ، ترجمة معاني القرآن : ١ / ١٧+ الندوى ترجمات معاني القرآن الكريم : ٨.