وفي هذه الترجمة يتخطى المترجم حدود النظم والسياق القرآني ، فالريب منفي عن الكتاب الكريم في الأصل ، والهداية فيه للمتقين ، وليست الترجمة بمؤدية لهذا المعنى ، بل هي تنفي الريب عن المتقين ، وتعطي صفة القطع والحتمية للهداية ، بينما نفي الريب لا يتناول الكتاب في الترجمة.
ومن القسم الثاني ما وقع به المستشرق الانكليزي جورج سيل ( ١٦٩٧ م ـ ١٧٣٦ م ) في ترجمته من استئثار باللفظ والمعنى والتركيب الذي يريده المترجم لا القرآن ، حتى قلب ذلك إلى مداليل أخرى وفقا لرغبات نفسية أو تبشيرية لدى المترجم ، نرصد منها ما يلي : (١)
١ ـ في قوله تعالى : « يا أيها الناس » ترجمها كالتالي : O men oF mecca.
وتعني الترجمة الحرفية لذلك يا أهل مكة ، وذلك تغيير للصيغة والمؤدى ، تنطبع نتيجتها على النظم والصورة القرآنية ، وذلك يجعل نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسالته اقليمية ، تخص أهل مكة ولا تشمل الإنسانية ، وهو معنى مقصود في الترجمة لا مسوغ له.
٢ ـ في قوله تعالى : ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) (٢).
نجده يعمد إلى قلب المفهوم القرآني « كافة للناس » بترجمته كالآتي All Common men.
وتعني ترجمتها « العامة من الناس » وهو تعبير يختلف في مؤداه ومفهومه وسياقه عن إرادة القرآن الكريم ، فالناس كافة عموم البشر والعامة من الناس سوادها دون الخاصة ، ولا يريد القرآن ذلك.
٣ ـ وفي سورة الفاتحة تصرف في ترجمة ( رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٣) إلى : The Lord All Creatures.
__________________
(١) ظ : الندوى المرجع نفسه : ٣٤ وما بعدها ، وانظر مراجعه.
(٢) سبأ : ٢٨.
(٣) الفاتحة : ٢.