لمهمته الاستعمارية الهولندية الهندية (١).
وقد أغدقت الدول الاستعمارية على جملة من المستشرقين بمختلف الامدادات حتى شكل ذلك دافعا اقتصاديا لدى البعض منهم ، أو مكسبا شخصيا أو سياسيا يحقق للبعض مطمحا أو مطمعا أو منصبا ، ويمكن أن يندرج ضمن الدافع الاستعماري ، أو من جملة مرجّحاته ومقتضياته ، أو من طبيعة مستلزماته ومغرياته.
يقول الأستاذ نجيب العقيقي : « فلما أرادت معظم دول الغرب عقد الصلات السياسية بدول الشرق والاغتراف من تراثه ، والانتفاع بثرائه ، والتزاحم على استعماره ، أحسنت كل دولة إلى مستشرقيها فضمهم ملوكها إلى حاشياتهم أمناء أسرار وتراجمة ، وانتدبوهم للعمل في سلكي الجيش والدبلوماسية إلى بلدان الشرق ، وولوهم كراسي اللغات الشرقية في كبرى الجامعات والمدارس الخاصة ، والمكتبات العامة ، والمطابع الوطنية ، وأجزلوا عطاءهم في الحل والترحال ، ومنحوهم ألقاب الشرف وعضوية المجامع العلمية » (٢).
وقد يكون الدافع الاقتصادي الذي أوجده الجهد الاستعماري مرتبطا بالهدف العلمي باعتبار الاستشراق مهنة عملية يوظف لها الاكفاء والمتخصصون ، « فأساتذة اللغات الشرقية في العصر الوسيط وتراجمته عملوا لقاء أجر ، وأوائل المستشرقين وعلماء الجدل والموسرون نالوا جزاءهم بإرساء النهضة الأوروبية على التراث العربي » (٣).
ويبدو لي من خلال معايشة الحركة الاستشراقية بوجه عام أن الهدف العلمي من وراء دراسة القرآن الكريم والتراث العربي قد يشكل أسلم
__________________
(١) ظ : رودي بارت ، المرجع السابق : ٣١.
(٢) نجيب العقيقي :
المستشرقون : ١١٤٩ ، دار المعارف ، القاهرة ، ١٩٦٤ / م ١٩٦٥ م.
(٣) المرجع نفسه : ١١٤٨.