بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
هذه دراسة تنظم جهود المستشرقين في الدراسات القرآنية المتنوّعة وتتناول بالبحث الموضوعي عطاءهم الفكري ، وتشير إلى أبرز أعمالهم في هذا المجال.
وليس في استقراء هذا الأثر حبّ بالمستشرقين أو تعصبا لهم ، بقدر ما فيه من حب للقرآن الكريم وإعجاب بذيوعه وانتشاره ، حتى بحثه من لا يؤمن بإعجازه ، وصنّف فيه من لا يراه وحيا إلهيا.
لقد ظلّ القرآن الكريم مثار دهشة الغربيين من مستعربين ومستشرقين ، بما أحدثه من تغيير شامل في المجتمع العربي والإسلامي وما أضافه إلى الحضارات الإنسانية من زخم وحياة ، وما قدّمه للثقافة من تطوّر وتجديد.
فحدبوا على دراسته بمثابرة ، وتتبعوا نصوصه بإمعان ، فرآه البعض مادّة للأبحاث الموضوعية فدرسه بهذا المنظور ، واشتد على البعض الآخر وقعه فأثار عنده الحقد الدفين ، ومن هذا وذاك طغت على السطح الأكاديمي دراسات الاستشراق القرآنية ، فاتسم بعضها بالموضوعية ، وبدا على قسم منها تبعات الهوى حينا ، وروائح الاستعمار حينا آخر ، وملامح التبشير بعض الأحايين ، فخلص لنا من كل أولئك مزيج عجيب يدعو إلى الحيرة ، وقد حاولنا في هذه الدراسة تصنيفه وتنقيته والوقوف فيه عند حدوده العلمية.
في هذه الدراسة الموجزة عرض ونقد وتحليل وفهرسة ، عني العرض بكشف أبرز البحوث القيّمة في موضوع الدراسات القرآنية ، وتكفل النقد بتهذيب وجهات النظر الضيقة والعودة بها إلى المناخ الطبيعي ، واقتصر التحليل على أفضل المعطيات العلمية للجهود الاستشراقية في دراسات