من أبرز جهود المستشرقين عنايتهم الخاصة بترجمة القرآن الكريم إلى أمهات اللغات العالمية ، والترجمة تحتاج إلى ذائقة فنية بارعة ، وأصالة في الفكر ، وإحاطة بصنوف البيان العربي ، إذ ليس من اليسير أن ينبري أفراد أو جماعات ، لغتهم الأصلية هي غير اللغة العربية ، لترجمة أعظم نص عربي ، اتسم ببلاغته الفائقة ، وأقدس كتاب عند المسلمين رأوا إعجازه في نظمه وتأليفه ، وسحره في أسلوبه وجودة تعبيره ، لذا فالترجمة تعني تمرس المترجم بكثير من فنون البيان ، وجملة من أساليب القول ، واضطلاع في اللغة والبلاغة ، وكفاية في المفردات المترادفة والمشتركة والمتضادة. وفي هذا الضوء تعتبر ترجمة القرآن من أعقد الدراسات القرآنية التي تحتاج إلى العلم والصبر والدقة والإحاطة.
وبمعاينة جهود المستشرقين في هذا المجال نجد ترجمة القرآن قد جاءت على نحوين : ترجمة كلية ، وترجمة جزئية ، ولا بد من الوقوف عند هاتين الظاهرتين لاستقراء موضوع الترجمة.
لقد حاول كثير من المستشرقين ترجمة القرآن ترجمة كلية من ألفه إلى يائه رغم كل الصعوبات اللغوية والزمنية ، وقد وفق بعضهم في ذلك ، وخاب البعض الآخر ، وباستقراء الموضوع يبدو لنا أن بداية العمل في هذا الشأن ترجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
١ ـ ففي أوروبا تمت أول ترجمة للقرآن بين عامي ( ١١٤١ م ـ ١١٤٣ م ) ، إلى اللغة اللاتينية بتوجيه وبطلب من الأب : ( بيتروس فينيرا