من معالم جهود المستشرقين البارزة في مجالات الدراسات القرآنية : نشر جملة نفيسة من الكتب ، وتحقيق طائفة من المصادر التي تبحث في القراءة والتفسير وعلوم القرآن ، وقد جاءت هذه الذخائر محققة في أغلبها على الوجه الأكمل ، مما يكشف لنا عن صدق المعاناة ، والصبر والجلد والأناة ، في إيصال النص للمتلقي كما تركه مؤلفه ، وكما كتبه مصنفه ، ولم يكتف بهذا عند المستشرقين ، بل توج العمل التحقيقي بفهارس وملاحق تنير أمام القارئ الطريق في الافادة من النصوص.
والحق أن المانيا قد سبقت في هذا المجال سبقا مجليا ، فنشرت لنا من التراث القرآني على يد علمائها ، ما نحن بحاجة ماسة إليه ، وقد تكفل القرن التاسع عشر بتأصيل هذا الجهد الاستشراقي ، وإعطاء ثماره يانعة.
لقد قرر المجمع العلمي البافاري في ميونخ جمع المصادر الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه ، وضبط قراءاته لنشرها ، فتولى الأستاذ براجشتريسر ( ١٨٨٦ م ـ ١٩٣٣ م ) هذه المهمة الفريدة ، وعاونه في بعضها الأستاذ أوتو بريتسل ( ١٨٩٣ م ـ ١٩٤١ م ). فقد انتدب المجمع المذكور بريتسل بعد وفاة براجشتريسر لاستكمال هذا الجهد ، فبادر من فوره إلى تصوير تلك المصادر والمصاحف تصويرا شمسيا في عدة نسخ لتيسير الاطلاع عليها في ميونخ ، والحصول على صور منها ، ثم تدوين كل آية من القرآن الكريم في لوح خاص ، يحوي متنوع الرسم في مختلف المصاحف ، مع بيان قراءاتها ومتعدد تفاسيرها.