وأما فهرسة القرآن الكريم فقد ظهرت بشكلها البدائي في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر حينما وضع المستشرق الانكليزي وليم بدويل ( ١٥٦١ م ـ ١٦٣٢ م ) فهرسا للقرآن باللغة التركية ، مع تعداد تفاسير القرآن ، وطبع في ليدن ، ( ١٦١٥ م ) (١).
أما فهرسة القرآن بإطارها العلمي المنظم فقد بدأت في أوائل القرن التاسع عشر ، وقد تأصلت ـ فيما وصل إلينا ـ عند المستشرق الألماني الأستاذ جوستاف فلوجل ( ١٨٠٢ م ـ ١٩٧٠ م ) حينما ألّف أول معجم مفهرس للقرآن الكريم في اللغة العربية ، عني بألفاظ القرآن ومفرداته وأسماه :
( نجوم الفرقان في أطراف القرآن ) وطبع لأول مرة عام ( ١٨٤٢ م ) في ليبزيج ، وقد كان هذا الكتاب نواة صالحة ، بل أساسا محكما ، اعتمد عليه محمد فؤاد عبد الباقي في وضع : ( المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ) فتعقب عليه ما فاته ، واستدرك فيه ما خفي عليه من وجه الصواب (٢). لقد كان عمل الأستاذ فلوجل من أعمال المستشرقين الجليلة حتى أننا لم نجد مثله في فهرسة مواد القرآن وألفاظه ، حتى إذا جاء المستشرق الألماني مالير ( ١٨٥٧ م ـ ١٩٤٥ م ) وجدناه قد استند على معجم فلوجل ، فألف ( دليل القرآن ) وقد جمع فيه مفرداته وأفعاله حتى حروف الجر والعطف ، وقد رقمت فيه السور والآيات لهذه الغاية ، وطبع للمرة الثانية في باريس ( ١٩٢٥ م ).
ولقد قام المستشرق الفرنسي ( جول لابوم ) بوضع ( تفصيل آيات القرآن الكريم ) باللغة الفرنسية ، وذلك بترتيب الآيات الخاصة بالموضوع الواحد في فصل واحد ، فكأنه قد فرق القرآن نجوما بحسب موضوعاته فجمعها موضوعا موضوعا ، ولقد قام الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي
__________________
(١) ظ : نجيب العقيقي ، المستشرقون : ٤٦٥.
(٢) ظ : محمد فؤاد عبد الباقي ، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، المقدّمة ، مطبعة دار الكتب المصرية ، ١٩٤٥ م.