لعله من المفيد حقا أن يعقب عرضنا وتحليلنا لجمهرة من جهود المستشرقين في الدراسات القرآنية تقديم ونقد منهجي لتلك الجهود بإلقاء الأضواء على أبرزها شيوعا وألمعها في الميدان انتشارا ، ففي الوقت الذي نشاهد فيه الجهد الموضوعي ينصب على تأريخ القرآن نجده متضائلا في بلاغة القرآن ، في حين نلمس المحاولات جادة إلى ترجمته لأغلب اللغات الحية في العالم ، مضافا إلى تحقيق طائفة من أروع ما ألّف في علوم القرآن ومعانيه وقراءاته والتفاسير ، وقد نلمس فهما مغلوطا لمضامين القرآن ، وتعصبا ظاهرا لا يستند إلى برهان نصي أو تأريخي ، وقد نبهر بإنجازات يعسر توافرها بجهد شخصي ، وقد نعجب بالتأكيد على جزئيات قد لا تهم المسلمين ، وقد تغفل موضوعات لها الأثر الكبير في المجال العقائدي إلى جانب اهتمام في نشوء اللغة وفقه العربية وموافقة كتب العهدين أو مخالفتهما.
إن الفهم الذي عالج المستشرقون القضايا القرآنية يبتعد كثيرا عن الفهم الذي نعالجها به نحن ، فالدراسات الببلوغرافية هدف مركزي لديهم ، وضبط الوقائع التأريخية مهمة جديرة بالبحث ، واختلاف القراءات ظاهرة تستأهل العناية ، وكيفية الوحي قضية تثير الشكوك أحيانا ، وكتابة القرآن وتدوينه مسألة علمية دقيقة.
أما نواحي الاعجاز فهو مما يخص المسلمين ، وقضايا البلاغة شئون عربية قد لا يحسنها غير العربي الأصيل ، وجرس الألفاظ لا تعيها إلا أذن