وأمّا إذا تبدّلت المتوسطة بالكثيرة ، فإن اغتسلت وتوضأت فلا بدّ من الحكم ببطلانهما بالتبدّل وحدوث الكثيرة ، وليس لها أن تكتفي بهما لأن الكثيرة بنفسها سبب مستقل للغسل والوضوء على تقدير القول بوجوب الوضوء فيها.
وأمّا إذا لم تأت بالوضوء ، فإن قلنا إن الكثيرة يجب فيها الوضوء لكل صلاة فلا يظهر فرق بينها وبين المتوسطة في الصلاة الأُولى بعد التبدّل بالكثيرة ، لأنها لا بدّ أن تغتسل وتتوضأ ، كانت متوسطة أم كثيرة.
نعم إنما يظهر الأثر بينهما في الصلوات غيرها ، فعلى الكثيرة يجب أن تغتسل لكل صلاتين ، وعلى المتوسطة تكتفي بالوضوء فقط.
وأمّا إذا قلنا بعدم وجوب الوضوء في الكثيرة فهل يجب عليها أن تتوضأ أيضاً لتحقق سببها وهو المتوسطة ولا مسقط له ، والكثيرة ليست مقتضية لعدم الوضوء بل لا اقتضاء لها بوجوبه؟
الصحيح عدم وجوب الوضوء لوجهين :
أحدهما : أن مقتضى الأدلّة الواردة في وجوب الغسل والوضوء في المتوسطة (١) وإن كان وجوبهما حتى فيما إذا تبدّلت بالكثيرة ، لإطلاقها من حيث تقدّمها أو تأخّرها بالكثيرة وعدمه ، كما أن مقتضى إطلاق ما ورد في وجوب الغسل لكل صلاتين عند تجاوز دمها الكرسف (٢) وجوب الغسل في حقها لكل صلاتين فحسب ، سواء سبقتها المتوسطة أم لم تسبقها.
وهذان الإطلاقان متدافعان ، لأنّ مقتضى الأوّل وجوب الوضوء ومقتضى الثاني عدمه ، وبعد التساقط لا بدّ من الرجوع إلى عموم العام وهو يدل على إغناء كل غسل عن الوضوء.
وثانيهما : أن نفس ما ورد في وجوب الغسل والوضوء على المتوسطة والغسل في
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١.
(٢) نفس المصدر.