وبما أن الالتزام بظاهر الموثقة غير ممكن ، لأنها إنما تدل على جواز وطء المستحاضة حال الاغتسال أو في الآن المتصل بغسلها ، ولا يمكن الالتزام به ، لأنه غير مراد قطعاً ، فإن لازمه الحكم بعدم جواز وطء المستحاضة بعد حال اغتسالها ، وهذا ممّا لا يمكن التفوّه به ولا سيما في المتوسطة التي اغتسلت قبل الفجر ولا يجب عليها إلاّ الغسل مرّة واحدة ، لأن الموثقة مشتملة على حكم المتوسطة والكثيرة أيضاً ، وكيف يمكن الالتزام بعدم جواز وطء المستحاضة المتوسطة وإن اغتسلت قبل ذلك.
فلا مناص من حملها على محمل أقرب من حملها على ما بعد الاغتسال ، وهو أن يقال إن الرواية وردت إرشاداً إلى أمر غير شرعي ، وأن المراد بالجملة المذكورة هو ما قبل الاغتسال لئلاّ يجب على المرأة اغتسالان ، بل يأتيها زوجها قبل غسلها حتى يكفيها غسل واحد ، فالموثقة وردت للإرشاد إلى أن غسل الجنابة يغني عن غسل الاستحاضة ، وأن المرأة يأتيها زوجها قبل اغتسالها حتى لا يتكرر الاغتسال في حقها.
وهذا وإن كان خلاف ظاهر الحديث إلاّ أنه أقرب المحامل ، وعليه لا معارض للأخبار الدالّة على جواز وطء المستحاضة وإن لم تغتسل (١) ، لا سيما أن بعضها مشتمل على قوله « إذا شاء » (٢) ، فالاغتسال غير معتبر في وطء المستحاضة.
أمّا الجهة الثانية والثالثة : فالأمر فيهما أيضاً كذلك ، حيث لم يقم دليل على حرمة قراءة العزائم أو الدخول في المسجدين أو المكث في المساجد على المستحاضة حتى تغتسل ، وإنما دلّت الأخبار على حرمة تلكم الأُمور على الحائض وحسب (٣) ، فدعوى أن هذه الأُمور يعتبر الاغتسال لها في حق المستحاضة تحتاج إلى دليل.
نعم ، ذهب جماعة إلى حرمة تلك الأفعال على المستحاضة ما لم تغتسل لصلاتها أو لتلك الأفعال ، وقد حكى شيخنا الأنصاري قدسسره عن المصابيح أنه قد تحقق
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧١ ، ٣٧٩ / أبواب الاستحاضة ب ١ ، ٣ ، ٣١٧ / أبواب الحيض ب ٢٤ ح ١ ، ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٢ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٤.
(٣) تقدّم ذكرها في البحث عن أحكام الحائض في شرح العروة ٧ : ٣٤١ وما بعدها.