لكن لا يجوز له تفويت شيء منه على الوارث بالإقرار كذباً ، لأنّ المال بعد موته يكون للوارث فإذا أقرّ به لغيره كذباً فوّت عليه ماله (*) (١).
______________________________________________________
جمعاً ، لكراهة حرمان الوارث من التركة.
عدم جواز التفويت على الورثة
(١) قد يريد المالك بقوله : هذا لزيد ، أنّه له بعد موته ، إلاّ أنّه يبرزه بصورة الإقرار ، لاحتمال أنّ الورثة قد لا تعمل على طبق وصيّته فلا يصل المالك إلى مرامه من الثواب في إيصال ماله إلى سيِّد أو فقير قربة إلى الله تعالى ، فهو وصيّة واقعاً أبرزها بصورة الإقرار بالتورية من دون أن يكون المال زائداً على ثلثه ، وهذا ممّا لا إشكال في جوازه ، لأن للمورّث أن يتصرّف في ثلث ماله وهو ملكه وهو أولى بالتصرف فيه من الورثة ، فلا تفويت على الورثة بشيء ، كما أنّه لم يرتكب كذباً ، لأنّ التورية خارجة عن الكذب على ما بيّناه في محلِّه (٢) وهذا ظاهر.
وقد يريد المالك الاعتراف حقيقة دون الإيصاء أو يكون المال زائداً على ثلثه ، ولا ينبغي الإشكال في حرمته حينئذ وذلك من وجوه :
أحدها : ما علمناه خارجاً من عدم جواز تفويت المال على مالكه ، لأنّه مسلّط على ماله وهو محترم كاحترام دم المسلم ، والتفويت مناف لسلطنته ، فيحرم الحيلولة بين المالك وماله وتفويته عليه ، وحيث إنّ المال للورثة فتكون الحيلولة بين المالك وماله وحرمانه عنه والمنع عن سلطنته وتفويت المال عليه بالاعتراف للغير كذباً حراماً ، لأنّه تفويت لمال الورثة.
ثانيها : أن تصرف المقر له فيما اعترف له المورّث من المال حرام ، لأنّه ملك الورثة
__________________
(*) إذا قصد بإقراره الوصيّة ولم يكن المقرّ به أكثر من الثلث لم يكن به بأس.
(١) في مصباح الفقاهة ٢ : ١٠٠.