والاستدلال بهذه الرواية مخدوش بحسب الدلالة والسند.
أمّا سنداً فلوقوع القاسم بن محمد الجوهري في سنده ، وهو ممن لم تثبت وثاقته.
وأمّا دلالة فلأنها إنما وردت لبيان أن المستحاضة بعد ما اغتسلت عن حيضها لا يجب في حقها غسل آخر ما دام لم يظهر الدم على الكرسف ، وأمّا أنها إذا لم يظهر دمها على الكرسف لا يجب الوضوء عليها فهو مما لا يكاد يستفاد منها بوجه.
هذا كله في الجواب عما ذهب إليه ابن أبي عقيل.
أدلّة ابن الجنيد
وأمّا ما ذهب إليه ابن الجنيد من أن دم الاستحاضة إن كان ثقب الكرسف وتجاوز عنه وجب على المرأة أن تغتسل لكل صلاة أو صلاتين ، وإذا لم يتجاوز عنه سواء لم يثقبه أو ثقبه ولم يتجاوز عنه (١) فيجب الغسل لكل نهار وليلة مرة واحدة ، وعليه فليس هناك استحاضة متوسطة وكثيرة وقليلة ، بل يدور الأمر بين وجوب الغسل لكل صلاة والغسل لكل يوم مرة واحدة ، فقد استدل له بروايتين :
إحداهما : موثقة سَماعة قال « قال : المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلاً ، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء لكل صلاة » (٢).
وذلك لإطلاق قوله « وإن لم يجز الدم الكرسف » وشموله لكل من صورتي ثقبه وعدم تجاوزه عنه وصورة عدم ثقبه أصلاً. وهي كما ترى تدل على أن أمر المستحاضة يدور بين الغسل لكل صلاة كما إذا ثقب الدم الكرسف وتجاوز عنه ، وبين الغسل لكل يوم وليلة مرة واحدة كما إذا لم يثقبه أصلاً أو ثقبه ولم يتجاوز عنه.
وثانيتهما : صحيحة زرارة قال « قلت له : النفساء متى تصلِّي؟ فقال : تقعد بقدر
__________________
(١) ما نقل عن ابن الجنيد هنا يُنافي ما نقل عنه في ص ٢١ من أنّ الاستحاضة القليلة هي التي لا تثقب الكرسف ، والصحيح ما نقله هناك.
(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.