صلاة وبين وجوب الغسل مرة واحدة في كل يوم وليلة ، وليس هناك دم استحاضة أحمر أو أسود يجب فيه الوضوء ، هذا.
ولكن يمكن المناقشة في الاستدلال بتلك الموثقة على ذلك بأنها ليست مسوقة لبيان أن حكم الاستحاضة يختلف باختلاف كيفية الدم ولونه وأنه إذا كان أحمر أو أسود يدور أمره بين القسمين المتقدِّمين ، وإذا كان أصفر يجب فيه الوضوء ، وإنما هي مسوقة لبيان اختلاف حكم دم الاستحاضة باختلاف كمّية الدم وقلته وكثرته ، بمعنى أنه إذا كان كثيراً على نحو يثقب الكرسف ويتجاوز عنه يجب الغسل لكل صلاة ، وإذا كان كثيراً على نحو يثقب الكرسف ولم يتجاوز عنه يجب الغسل لكل يوم وليلة مرة واحدة ، وإذا كان قليلاً بمقدار يعد عرفاً من الطوارئ والعوارض ولا يعد دماً ولو كان أحمر أو أسود ، لقلّته وضعفه حيث لم يثقب الكرسف يجب فيه الوضوء ، فالمراد بالصفرة هو الدم القليل المعد من الطوارئ والأعراض ولو كان أحمر.
ويشهد لذلك أمران :
أحدهما : أنه لم يقل وإن كان دماً أصفر ، ليتوهم أنها بصدد تقسيم الدم من حيث الصفرة وغيرها ، بل قال وإن كان صفرة ، إشارة إلى أن الدم لو كان من القلة بمكان لا يعد دماً عرفاً بل يعد من الأعراض يجب معه الوضوء ولو كان أحمر أو أسود ، فهي مسوقة لبيان اختلاف حكم الاستحاضة باختلاف كمية الدم من حيث الكثرة والقلة ، ولا نظر لها إلى تقسيمه من حيث الكيفية واللون.
ثانيهما : أن الرواية لو كانت واردة لبيان تقسيم الدم بحسب الكيفية واللون فقد تعرضت في الدم الأحمر لصورتين : الصورة الأُولى ما إذا ثقب الدم الكرسف وتجاوز عنه. الصورة الثانية ما إذا ثقبه ولم يتجاوز عنه. وهناك صورة ثالثة من الدم الأحمر لم يتعرّض لحكمها ، وهي ما إذا لم يثقبه أصلاً.
وهذا بخلاف ما إذا حملناها على كونها واردة لبيان كمية الدم وأنه إذا كان كثيراً قد يثقب فقط وقد يثقب ويتجاوز ، وهما صورتان ، وقد يكون قليلاً لا يثقب ولا يتجاوز عن الكرسف ، وهي التي يجب الوضوء فيها ، هذا كلّه.