ترك تغسيله الواجب ، وهو التغسيل بقصد القربة ، وإمّا أنّه غير مماثل معه فقد ارتكب الحرام وهو تغسيل غير مماثله ، فليس له التغسيل من دون قصد التقرّب. وحيث أنّ الموافقة القطعية غير ممكنة فيتنزل العقل إلى المرتبة النازلة من الامتثال وهي الامتثال بالموافقة الاحتمالية باختيار ترك التغسيل أو فعله بقصد القربة رجاءً.
والنتيجة : أن كلا من النِّساء والرّجال يجوز أن يغسل الخنثى بقصد القربة كما يجوز أن لا يغسلها ، إلاّ أن الحرمة الذاتية في تغسيل غير المماثل ممّا لا يمكن تتميمه بدليل وذلك لأنّ المستفاد من النهي عن تغسيل غير المماثل وأنّ الرجل لا يغسله إلاّ رجل والمرأة لا يغسلها إلاّ امرأة ، أن تغسيل غير المماثل للميت غير واجب فلا يقع مصداقاً للمأمور به لعدم الأمر به ، لا أنّه محرم ، لأنّه نظير النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه أو إلى غير القبلة أو غير ذلك من النواهي والأوامر الواردة في العبادات ، فإن غاية ما يمكن استفادته منها أنّ الصلاة إلى غير القبلة باطلة وليست مأموراً بها ، لأنّ القبلة شرط في صحّتها. وكذا الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ليست مصداقاً للمأمور به ، لأنّه مانع من الصلاة ، لا أنّ الصلاة محرمة حينئذ.
إذن ليس هناك إلاّ تكليف واحد وهو وجوب تغسيل المماثل ، وبما أنّ المماثلة غير محرزة لكل من الرّجال والنِّساء فوجوب التغسيل مشكوك في كل منهما بالشك البدوي ، ومقتضى أصالة البراءة عدمه ، وبهذا يقوى عدم وجوب تغسيل الخنثى لكل من الرجل والمرأة ، فانّ المقام نظير الجنابة المرددة بين شخصين والعلم الإجمالي بتكليف متوجّه إليه أو إلى غيره من المكلّفين ممّا لا أثر له ، هذا.
نعم ، ربّما يقال : إنّ الخطاب بالتغسيل متوجّه إلى عامّة المكلّفين بلا فرق في ذلك بين المماثل وغيره ، فالمماثلة ليست شرطاً في توجّه التكليف والأمر بالتغسيل ، بل كل إنسان مماثل أو غيره مكلّف بالتغسيل ، إمّا بالمباشرة كما في المماثل وإمّا بالتسبيب بالأمر به أو الإخبار والإعلام به كما في غير المماثل ، نعم المماثلة شرط في المأمور به دون الأمر والخطاب. إذن لا بدّ من الاقدام على التغسيل إمّا بالمباشرة أو التسبيب