عن وجوب تغسيلها ، فالأصلان يتعارضان ويتساقطان ، ومقتضى العلم الإجمالي لزوم تغسيلها وعدم جواز النظر إليها. وقد ذكرنا في محله ، أنّ المعارضة الموجبة للتساقط لا يفرق فيها بين أن تكون من الابتداء وبين أن تكون بحسب البقاء ، فإنّ البراءة عن حرمة النظر وإن كانت سليمة عن المعارض قبل الممات ، إلاّ أنّها بعد ممات الخنثى معارضة بأصالة البراءة عن وجوب تغسيلها.
إذن يجب على كل من الرّجال والنِّساء أن يغسل الخنثى ولا ينظر إلى بدنها ، هذا.
وقد ذهب الشيخ قدسسره إلى القرعة في المقام (١) ليظهر أنّ الخنثى رجل حتّى يغسله الرّجال ، أو أنّه امرأة فتغسلها النِّساء ، ولم يستبعده الماتن قدسسره واستدلّ عليه بالإجماع والأخبار.
والظاهر أن مراده بالأخبار هو الأخبار الواردة في أنّ القرعة لكل أمر مشكل أو مشتبه أو مجهول على اختلاف الروايات (٢). وكذا مراده بالإجماع هو الإجماع على أنّ القرعة للأمر المشتبه ، وإنّما الشيخ قدسسره طبّق معقد الإجماع ومورد الأخبار على المقام أعني الخنثى إذا ماتت. فلا يرد عليه أنّه لا أخبار ولا إجماع في المسألة إذ أن مقصوده الأخبار والإجماع في كبرى الأمر المشتبه ، وإنّما يدعي تطبيقها على المقام.
نعم ، لا يمكن المساعدة على دعوى التطبيق بوجه ، وذلك لأنّ القرعة إنّما هي للأُمور الّتي لم يعلم حكمها بحسب الواقع أو الظاهر ، فلا يتأتى في قبال العلم الإجمالي بحرمة النظر أو وجوب التغسيل في المقام ، لأنّه من العلم الإجمالي المتعلق
بحكم إلزامي مردّد بين التعلّق بالنظر أو التغسيل ، وهو يقتضي الاحتياط في الطرفين ويوجب التغسيل على كل من الرّجال والنِّساء ، فكيف يكون المقام من الأمر المشتبه. فان حال المقام حال بقية موارد العلم الإجمالي كالعلم بوجوب القصر أو التمام أو بوجوب الظهر أو
__________________
(١) الخلاف ٤ : ١٠٦ / كتاب الفرائض. ولم نجد له كلاماً في المقام.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٢٥٧ / أبواب كيفيّة الحكم ب ١٣ ، المستدرك ١٧ : ٣٧٣ / أبواب كيفيّة الحكم ب ١١.