الثاني : هب أن كون التغسيل من وراء الثِّياب معتبر في غير المماثل ، إلاّ أنّ المماثلة وعدمها غير محرزين في المقام للشك في رجولية الخنثى وأُنوثيتها ، وإنّما أثبتنا وجوب تغسيلها بالعلم الإجمالي كما مرّ ومع الشك في الموضوع تجري البراءة عمّا يحتمل شرطيته ، فلا يجب أن يكون التغسيل من وراء الثِّياب.
ثانيهما : أن مقتضى العلم الإجمالي حرمة النظر إلى بدن الخنثى بعد موتها ، ولأجله يعتبر في تغسيلها أن يكون من وراء الثِّياب.
وفيه : أنّ العلم الإجمالي إنّما يقتضي حرمة النظر إلى بدن الخنثى الميِّت ، ولا يقتضي أن يكون تغسيلها من وراء الثِّياب ، فيمكن أن يغسلها في الظلمة أو مع غض عينيه.
فالمتحصل : أن كون تغسيلها من وراء الثِّياب لم يثبت بدليل ، وإنّما اللاّزم أن لا ينظر إلى بدن الخنثى فحسب.
نعم ، لا بدّ من تغسيلها مرّتين ، بأن يغسلها كل من الرجل والمرأة ، وذلك للعلم الإجمالي المتقدِّم من دون اشتراط كون التغسيل من وراء الثِّياب ، لأن في تغسيل الرّجل لها إن كان الخنثى رجلاً واقعاً فهو من تغسيل المماثل ولا يعتبر فيه التغسيل من وراء الثِّياب ، وإن كانت الخنثى امرأة واقعاً فتغسيل الرجل لها باطل ولغو سواء كان من وراء الثِّياب أم لم يكن.
وكذلك الحال في تغسيل المرأة للخنثى ، فلا وجه لاعتبار كون التغسيل من وراء الثِّياب.
[ ثمّ إن ] ظاهر كلماتهم هو الاقتصار على غسل واحد من محارمها ، إلاّ أنّ الصحيح هو الثاني ، وأنّه لا بدّ من تغسيلها مرّتين : تارة يغسلها الرجل وأُخرى تغسلها امرأة من محارمها ، وذلك لأن تغسيل المحارم مشروط بعدم المماثل للميت ، فإذا غسلها رجل منهم فقط مثلاً لم يحرز أنّه مماثل للخنثى ، ومع الشك في صدور التغسيل من مماثلها يجري استصحاب عدم تحقق الغسل المأمور به فيجب أن تغسلها امرأة ثانياً في المثال حتّى يقطع بتحقق الغسل الصحيح المأمور به أعني تغسيل المحرم المماثل للخنثى ـ