تخرج الكرسف عن محلِّه إلى آخر اليوم وليله فلا يعتبر في حقها تبديلها ، لأن مورد الرواية هو لزوم تبديل القطنة مع الإخراج أي على تقدير الإخراج ، ولا دلالة لها على وجوب الإخراج على المرأة.
وعليه فلا دلالة للرواية على وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها على المرأة ، فنبقى نحن ومقتضى القاعدة وقد بيّنا في محلِّه أن المحمول المتنجس ولا سيما إذا كان باطنياً كما في المقام غير مانع عن الصلاة ، والكرسف من قبيل المحمول فلا يكون دم الكرسف مانعاً عن الصلاة حتى بناء على أن دم الاستحاضة مانع عن الصلاة بقليله وكثيره.
وذلك لأنه إنما هو فيما إذا لم يتنجس الكرسف الآخر على تقدير تبديله بعين ذلك الدم ، وأمّا مع تنجسه بذلك لفرض عدم انقطاع دم الاستحاضة فتبديل الكرسف من اللغو الظاهر حينئذ ، هذا كله في تبديل القطنة.
وأمّا وجوب الغسل عليها مرة واحدة فهو الذي ذهب إليه المشهور كما مرّ ، وخالف في ذلك العماني والإسكافي (١) والمحقق (٢) والعلاّمة (٣) وغيرهم (٤) من المتأخرين قدسسرهم ، حيث ذهبوا إلى وجوب الأغسال الثلاثة حينئذ ، وذكروا أنه لا فرق بين تجاوز الدم عن الكرسف وعدمه ، بل الدم بمجرّد أن ثقب الكرسف وجب على المرأة ثلاثة أغسال.
ولعلّ الوجه في ذلك صحيحة معاوية بن عمار الدالة على أن الدم إذا ثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر ، وغسلاً للمغرب والعشاء ، وغسلاً لصلاة الصبح (٥) وغيرها من المطلقات.
__________________
(١) نقله عنهما في المستمسك ٣ : ٣٨٩ / في الاستحاضة وعن الإسكافي أيضاً في المعتبر ١ : ٢٤٤.
(٢) المعتبر ١ : ٢٤٥ / في الاستحاضة.
(٣) المنتهي ٢ : ٤١٢ / في الاستحاضة.
(٤) كالأردبيلي وتلميذيه والبهائي على ما نقله عنهم في المستمسك ٣ : ٣٨٩.
(٥) الوسائل ٢ : ٣٧١ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١.