الأمر ، وهذا منحصر بما إذا كان المكلّف متمكّناً من التكفين بغير الحرير ولم يكن الكفن منحصراً بالحرير ، وأمّا إذا انحصر الكفن بالحرير فلا معنى لهذا الكلام ولا يصح القول بأنّ التكفين بالحرير ليس مصداقاً للامتثال والمأمور به ، لأنّ الأمر لا يخلو حينئذ من أحد أمرين : إمّا أن يسقط الأمر بالتكفين عند ما ينحصر الكفن بالحرير كما لو كان الكفن مشروطاً بغير الحرير على الإطلاق. وإمّا أن يكون التكفين بالحرير مأموراً به بنفسه كما إذا لم يكن الكفن مشروطاً بغيره ، وعلى كلا التقديرين لا مجال للقول بأنّ التكفين بالحرير ليس بمصداقٍ للأمر والامتثال ، لأنّه على الأوّل لا أمر أصلاً حتّى يكون ذلك مصداقاً له ، وعلى الثاني مأمور به بنفسه كما عرفت.
ومن هذا يظهر أن رواية حسن بن راشد (١) وهي الّتي دلّت على اشتراط كون الكفن من غير الحرير ليست ناظرة إلى صورة الاضطرار وإنّما هي مختصّة بصورة التمكّن من التكفين بغير الحرير.
ومعه لا محذور من التمسّك بالمطلقات الدالّة على أنّ الكفن أثواب ثلاثة وهي شاملة للحرير عند الاضطرار.
ولعلّه إلى ذلك نظر شيخنا الأنصاري قدسسره فيما ذكره من أن أدلّة اشتراط كون الكفن من غير الحرير منصرفة إلى صورة التمكّن من غير الحرير (٢).
الصورة الثالثة : إذا انحصر الكفن بجلد غير مأكول اللحم أو بالمذهّب أو بجلد ما يؤكل لحمه أو وبره أو شعره ، فلا ينبغي الشبهة في جواز التكفين بها عند الاضطرار لأنّ المنع عن التكفين بها مستند إلى الاحتياط ، والاحتياط إنّما هو عند التمكّن من التكفين بغيرها.
وأمّا عند الانحصار بها فلا معنى للاحتياط بالدفن عارياً ، بل الاحتياط يقتضي التكفين بتلك الأُمور عند الاضطرار إليها وعدم التمكّن من غيرها. هذا كلّه في المقام الأوّل.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٥ / أبواب التكفين ب ٢٣ ح ١.
(٢) كتاب الطّهارة : ٣٠٠ السطر ١٥ / في تكفين الأموات.