وما ذكره قدسسره هو الصحيح ، لأن الشيخ رواها في الاستبصار عن محمد بن سعيد بن غزوان عن السكوني (١) ، وكأن الأردبيلي لم يراجع الاستبصار وإلاّ لاستشهد به على ما استنبطه ، نعم الرواية ضعيفة بمحمد بن سعيد.
ومنها : غير ذلك من الأخبار المعتبرة التي لا يبعد تواترها ، وبهذا يظهر صحّة ما ذهب إليه المشهور من عدم الفرق في وجوب الصلاة على الميِّت بين الموافق والمخالف.
الجهة الثانية : هل يجب تحنيط الشهيد أو لا يجب تحنيطه كما لا يجب تغسيله ولا تكفينه؟
قد يبدو من تعرض الفقهاء لحكم الشهيد في بابي التغسيل والتكفين ومن استثنائهم إياه عن وجوبهما وعدم تعرضهم له في باب التحنيط وعدم استثنائهم إياه عن وجوبه أن الشهيد يجب تحنيطه.
إلاّ أن الأمر ليس كذلك ، فان الشهيد لا يجب تحنيطه كما لا يجب تغسيله وتكفينه وذلك لما استفدناه من الأخبار الواردة في الشهيد من أن التحنيط يلازم التكفين فمتى وجب التكفين وجب التحنيط ، وحيث إن الشهيد لا يجب تكفينه فلا يجب تحنيطه أيضاً.
ففي موثقة أبي مريم الأنصاري (٢) : « الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلِّي عليه ، وإن لم يكن به رمق كفن في أثوابه » حيث دلت على أن التحنيط إنما هو فيما إذا وجب تكفين الميِّت كما إذا لم يكن شهيداً أو قد أدركه المسلمون وبه رمق ، وأما إذا وجب أن يدفن بثيابه ولم يجب تكفينه لم يجب تحنيطه أيضاً.
بل صرح في صحيحة زرارة أو حسنته بأن الشهيد لا يحنط ، حيث ورد فيها : « قلت له : كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال : نعم في ثيابه بدمائه ولا يحنط ولا يغسل ويدفن كما هو » (٣).
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٤٦٨ / ١٨١٠.
(٢) المتقدِّمة في ص ١٧٩.
(٣) الوسائل ٢ : ٥٠٩ / أبواب غسل الميِّت ب ١٤ ح ٨.